عن أبي ذر الغفاري رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، ألا تستعملني؟ فضرب بيده على منكبي ثم قال: «يا أبا ذر إنك ضعيف، وإنها أمانة، وإنها يوم القيامة خزي وندامة إلا من أخذها بحقها، وأدى الذي عليه فيها» رواه مسلم.
إن المناصب وإن علت، والوظائف وإن صغرت، تكليف شاق وحمل ثقيل لِما فيها مِن مسؤوليَّة عظيمة، ويما َترتَّبُ عليها من تَحمُّلُ تَبِعاتِها في الدُّنيا والآخرةِ، وتعرض المرء إنْ لم يَقُمْ بواجباتِها بالعدْلِ للخسران، «وإنها يوم القيامة خزي وندامة» في حق من لم يكن أهلًا لها (ضعيف الرَّأيِ والتَّدبيرِ)، أو كان أهلًا ولم يعدل فيها بالحق، فيخزيه الله -تعالى- يوم القيامة، في ذُلٌّ وهَوانٌ وحُزنٌ وأسَف، ونَدَامَةٌ يَندَمُ بها، ويَتمنَّى أنْ لوْ لم يَتولَّها وعلى ما فرَّط فيها؛ وأنه لن يحمل وزرها أي أحد من “المساعدين” أو “المادحين” إن قصر أو أساء في تأدية واجبها الذي ائتمنه عليها من ولاه مسؤوليتها، ويشمل كل ولاية عامة أو خاصة، صغيرة كانت أم كبيرة، وإن علا أو انخفض، «إلَّا مَن أخَذها بحقِّها، وأدى الذي عليه فيها».
ولا يعرف قدر ذلك إلا من استشعر أنه سيقف أمام الله ويحاسب عليها، ويسأل جل وعلا عن أمانة من تولى امرهم، ورعى -بما يرضي الله- مَصالحَهم فيهيئها لهم، وجنبهم مفاسدهم، ولم يغفل عن حقوق الناس بما أَوكل إليه من مسؤولية لخدمتهم والتيسير عليهم.
اللهم أعن من تولى أمر من شؤون المسلمين على حمل الأمانة، وارزقه البطانة الصالحة الناصحة التي تعينه وتسدده وتوفقه لكل ما فيه خيراً وفلاح.