{سورة الحُجُرات}

  • — الخميس ديسمبر 05, 2024
نزلت في العام التاسع للهجرة، وهي من السور المدنية، وعدد آياتها ثماني عشرة آية، وهي من المثاني، ترتيبها في المصحف التاسعة والأربعون، نزلت بعد سورة المجادلة، وبدأت بأسلوب النداء {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا}.
والحُجُرات جمع حجرة، وهي الغرف التي كانت تسكن فيهن أمهات المؤمنين زوجات النبي -ﷺ-؛ حيث كان لكل واحدة منهن حجرة في مؤخرة المسجد النبوي، وقد ذُكرت فيها، من الآية الرابعة {إِنَّ الَّذِينَ يُنَادُونَكَ مِنْ وَرَاءِ الْحُجُرَاتِ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ}.
وقد تضمنت السورة الكريمة الكثير من الدروس والعبر، منها:
  • إرشاد المؤمنين إلى مكارم الأخلاق مع الله تعالى، ومع الرسول -ﷺ-، وتعليمُ المُؤمِنينَ ما يجِبُ عليهم نحوَ خالِقِهم، ونحوَ نَبيِّهم -ﷺ-؛ مِن أدَبٍ.
  • وجوب تقديم أمر الله وأمر رسوله، وذلك بالتمسّك بكتاب الله وسنّة نبيّه -ﷺ- وما فيهما من أحكام وأوامر ونواهي، بحيث تكون هي الفاصلة والحاكمة لحياة المسلم، ولها الأولوية على غيرها من الأعراف والتقاليد والمحدثات من الأمور.
  • أهميّة التثّبت والتحقق عند نقل الأخبار والأحاديث، فلا يعتمد المسلم على الكلام الشائع الذي يلوكه الناس دون فهم أو بصيرة، والحثّ على عدم سماع الشائعات خاصّة إذا صدرت من شخص غير عدل.
  • حثُّ المؤمنين على الإصلاح بين المتخاصمين منهم، اعتبارًا لمفهوم الإخوة الذي يجمعهم، ودفع عدوان الباغين.
  • بينت صفات المجتمع المسلم، ودعت إلى مكارم الأخلاق والفضائل الاجتماعيّة؛ فلا يتعرّض فيه أمن الناس وكرامتهم لأي مساس، والنهي عن السخرية والهمز واللمز والتنابز بالألقاب، والغيبة، والتجسس وإساءة الظن بالآخرين.
  • توجيه نداء إلى الناس يبين لهم فيه أنهم جميعا قد خلقوا من ذكر وأنثى، وفرّقهم في شعوب وقبائل بغرض التعايش والتعارف، لا ليتفاخروا بالألقاب والأنساب، وأن معيار الأفضيّة عند الله هو التقوى.
  • الحديث عن الأعراب، الذين ابتدأت السورة بذكرهم، والرد على الذين قالوا: آمنا، دون أن يستقر الإيمان في قلوبهم، وجاؤوا يمنّون على الرسول -ﷺ- بإيمانهم، وقد وضّح -ﷺ- حقيقة الإيمان، وحقيقة الإسلام، وشروط المؤمن الذي جمع بين الإيمان في قلبه، والعمل الصالح والإخلاص والاجتهاد فيه إلى الله تعالى.
  • ختمت السورة الكريمة بإحاطة علم الله تعالى بغيب السماوات والأرض، وكونه بصيرا بالأعمال كلها.

القرآن الكريم له دور عظيم في تهذيب النفس وتأديبها، وهدايتها للتي هي أقوم، فكريا وشعورياً وسلوكياً، وفيه ما يساعد المؤمنين ويدلهم على أحسن الأقوال والأفعال، وأكرم الأخلاق، وأشرف الصفات وأعلاها قيمة وتحثّهم كذلك على التمسّك بها، و سورة الحُجُرات من أبرز السور التي احتوت على عدّة الآداب وقواعد التزكية والتهذيب.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علما؛ سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ.