النجاح لا يأتي فقط من العمل الشاق والتخطيط الدقيق (رغم أهمية كلاهما)، النجاح يعتمد في جزء كبير منه على طريقة التفكير السليمة؛ أي التركيز على النتائج التي نطمح إلى تحقيقها بدلاً من التركيز على عدد الساعات العمل، كما يشير إلى ذلك كتاب “الإنتاجية القصوى Extreme Productivity ” لمؤلفه Robert C. Pozen.
كثير من المهنيين يجدون صعوبة في البدء بالمهام التي بقائمة أولوياتهم، وبدلاً من ذلك يشتتون أنفسهم بالمهام الأكثر متعة بالنسبة إليهم، وقد يتحول الأمر -بسبب المماطلة- إلى مشكلة مزمنة لها ثمن غال على المستوى المهني؛ فعندما يقترب موعد الإيفاء النهائي بالعمل يدخل هؤلاء المماطلون في حالة من تَوَجُّس وجَزَع تؤثر فيهم وتعاملهم وعملهم.
يقترح المؤلف تجزئة العمل (أو المشروع) إلى مكونات أصغر والبدء بتنظيف جدول الأعمال، ووضع وقت احتياطي للتركيز على المهام الأكبر والأهم، وقطع الطريق على الملهيات، عن طريق تحديد مواعيد نهائية خاصة لاستكمال مرحلة معينة من المشروع (العمل).
التركيز على النتائج، وليس عدد ساعات العمل.
المساهمة في الإنجاز ليست بالوقت الذي تقضيه في مهمة معينة، بل بالقيمة التي تولدها من خلال معرفتك، ومع أن الاهتمام بالتفاصيل تعد في العادة سمة إيجابية، إلا أن التزامنا بالوقت ينبغي أن يختلف وفقاً للأهمية واحتياجات الجمهور؛ فقد يستغرق منا أداء مهمة بمستوى “جيِّد” يوماً واحداً، ولكن سيستغرق منا بقية الأسبوع لإيصاله إلى مستوى “ممتاز”؛ بالنسبة إلى الأهداف ذات الأولوية العليا تستحق أن “ننفق” فيها وقتاً وجهداً إضافياً، معظم المهام الصغيرة (الدنيا) يمكن استخدام مبدأ “اوهايو OHIO”، وهو اختصار لـ” Only Handle It Once” التي تعني معالجة المهام ذات الأولوية الدنيا بمجرد وصولها إليك كلما كان ذلك ممكناً، لأننا لو سمحنا بتراكم هذه المهام سوف نهدر الكثير من الوقت في معالجتها فيما بعد، وقد ترفع من مستوى القلق.
على سبيل المثال، عندما تتلقى وابلاً من الطلبات تؤثر في وقتنا ومعرفتنا من الزملاء والأسرة والأصدقاء، ومن أشخاص قد لا تعرفهم، يجب أن تقرِّر ما إذا كنت ستتجاهلها أو تستجيب لها؛ فالاستجابة الفورية للطلبات المهمة، يجب ألا يجعلنا نهدر الوقت في إعادة البحث أو التفكير حول موعد معين، والانتظار لساعة أو يوم أو أسبوع للرد على طلب سوف يضاعف الوقت المطلوب لإنجازه؛ وفي أفضل الحالات سوف تعيد قراءة الطلب والتفكير مرة أخرى بخصوص القضايا التي تحويها، وفي أسوأ الحالات سوف تقضي وقتاً أكبر في محاولة إيجاد الطلب مرة أخرى.
القيام بعدة مهام قد تكون وسيلة جيدة لإنجاز المهام ذات الأولوية الدنيا بكفاءة؛ ولكن يجب عدم ممارسة تعدد المهام إذا كان كلا النشاطين يتطلبان التفكير الذهني، فالتبديل السريع بين الموضوعات يهدر الطاقة الذهنية، ولا يجب ممارسة تعدد المهام أمام مستفيد أو مستفيد محتمل، أو صاحب مصلحة فهم يتوقعون منك الاهتمام الكامل تجاههم.
كما يجب تجنُّب الميل إلى الإشراف الدقيق، بل أمنح مرؤوسيك مساحة كبيرة من الحرية لإكمال الأعمال (المشاريع) التي بين أيديهم، حتى لو اعتقدت أن ذلك سوف يقود إلى ارتكاب أخطاء؛ فمنها يكون التعلم إذا حدثت.
ما الفائدة من ذلك؟
الفائدة هي بناء مستقبل مهني أفضل، وحياة ممتعة؛ فكلما جودنا العمل، وأنجزناه في وقت قصير، كلما زاد مستوى كفاءتنا في العمل، وزاد الوقت الذي نقضيه مع عائلاتنا وأصدقائنا والجوانب الأخرى للحياة التي نهتم بها.