«خَطيئةُ الكِبْرِياء»

  • — الأربعاء فبراير 19, 2025

الكبرياء هو تَقْدير الذَّات تَقْديرًا مُتجاوِز الحَدّ، وشُعورٍ مُفْرِط بقيمته وأَهمِّيَّته بحيث يعتبر نَفْسَه أَفْضل من غيره ولا يرى لأَحَد عليه حَقًّا.

جاء في كتاب رياض الصالحين، للإمام النووي -رحمه الله- عدد من الأحاديث عن الأكبر والإعجاب بالنفس:

عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: قَالَ اللَّه عزَّ وجلَّ: «العِزُّ إِزاري، والكِبْرياءُ رِدَائِي، فَمَنْ يُنَازعُني في واحدٍ منهُما فقَدْ عذَّبتُه» رواه مسلم.

وعنه: أَنَّ رسولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «بيْنَمَا رَجُلٌ يَمْشِي في حُلَّةٍ تُعْجِبُه نَفْسُه، مُرَجِّلٌ رأسَه، يَخْتَالُ فِي مِشْيَتِهِ، إِذْ خَسَفَ اللَّهُ بِهِ، فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ في الأَرْضِ إِلَى يوْمِ القِيامةِ» متفقٌ عَلَيْهِ.

وعن سَلَمَة بنِ الأَكْوع -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رسُولُ الله ﷺ: «لا يزَالُ الرَّجُلُ يَذْهَبُ بِنفْسِهِ حَتَّى يُكْتَبَ في الجَبَّارينَ، فَيُصِيبُهُ مَا أَصابَهمْ» رواهُ الترمذي وقال: حديثٌ حسنٌ.

وقد علق سَماحة الإمام عبدالعزيز ابن باز -رحمه الله- على هذا الباب فقال:

“فهذه الأحاديث الثلاثة كالتي قبلها في التَّحذير من الكبر والإعجاب، وأن الواجب على المؤمن التواضع، هكذا خُلق المؤمن: التواضع، وطيب الكلام: ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله.

يقول جلَّ وعلا في الحديث الصَّحيح: «العِزُّ إزاري، والكبرياء ردائي، فمَن نازعني واحدًا منهما عذَّبتُه»، فلا يجوز للمؤمن أن يُنازع ربَّه في الكبرياء والعظمة، بل ينبغي له أن يُخَلِّقَ نفسَه بالتواضع، ويُجاهدها بالتواضع، وطيب الكلام، واستصغار النفس، وعدم التَّشبه بالجبَّارين.

وفي الحديث الثاني يقول ﷺ: «بينما رجلٌ في حُلَّةٍ له، يختال في مِشيتِه، خسف الله به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة»، هذا فيه الحذر من الكبر والخُيلاء، وأن ذلك من أسباب العقوبات العاجلة، كما جرى لهذا الرجل، ولقارون لما أُعجب بدنياه خسف الله به وبداره الأرض.

فالتّكبر والإعجاب والزهاء بالنفس من أسباب غضب الله عزَّ وجل، ومن أسباب العقوبات العاجلة؛ فالواجب الحذر، والواجب الحرص على التّواضع، وعدم التكبر، وعدم التَّشبه بالمتكبرين، بل يعرف أنه ضعيفٌ، وأنه مسكينٌ، بين حاجةٍ إلى الطعام والشراب، وحاجةٍ إلى البول والغائط، فلماذا يتكبر؟! ينبغي له أن يعرف نفسه وقدره، وأنه ضعيفٌ، وأنه محلّ التواضع والانكسار بين يدي الله جلَّ وعلا.

وهذا يفيد الحذر من كون الإنسان يتساهل في الأمر، فلا يزال يذهب ويُعظم نفسه ويتطاول بنفسه حتى يُكتب في عداد الجبَّارين؛ فيُصيبه ما أصابهم، فينبغي للمؤمن أن يبتعد عن أخلاق الجبَّارين والمتكبرين، وأن يحرص على أخلاق المتواضعين الذين يخافون الله ويرجونه، يقول ﷺ: «ما تواضع أحدٌ لله إلا رفعه الله»، فينبغي للمؤمن أن يحذر أخلاق الجبَّارين والمتكبرين، وأن يُعوّد نفسه التواضع، يرجو ثوابَ الله، ويخشى عقابه.

نسأل الله للجميع التوفيق.” إ.هـ.