«اليَئوسٌ الكَفورٌ» و «الفَرِحٌ الفَخورٌ»

  • — الأحد يونيو 01, 2025

جاء في القرآن الكريم في سورة هود ذكر للإنسان «اليئوس الكفور» في قوله تعالى: ﴿وَلَئِن أَذَقنَا الإِنسانَ مِنّا رَحمَةً ثُمَّ نَزَعناها مِنهُ إِنَّهُ لَيَئوسٌ كَفورٌ(٩)﴾.
ثم الإنسان «الفرح الفَخورٌ» في قوله ﷻ: ﴿وَلَئِن أَذَقناهُ نَعماءَ بَعدَ ضَرّاءَ مَسَّتهُ لَيَقولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخورٌ(١٠)﴾، ثم استثنى مَنْ وفَّقه الله وأخرجه من هذا الخُلُق الذميم إلى ضدِّه :﴿إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ أُولئِكَ لَهُم مَغفِرَةٌ وَأَجرٌ كَبيرٌ﴾.

قال العلامة السعدي (رحمه الله) في تفسيره معلقاً على هذه الآيات:

“يخبر تعالى عن طبيعة الإنسان أنه جاهلٌ ظالمٌ: بأنَّ الله إذا أذاقه منه رحمةً كالصحة والرزق والأولاد ونحو ذلك، ثم نزعها منه؛ فإنَّه يستسلم لليأس وينقادُ للقنوط؛ فلا يرجو ثوابَ الله ولا يخطُرُ بباله أنَّ الله سيردُّها أو مثلها أو خيرًا منها عليه، وأنَّه إذا أذاقه رحمةً من بعد ضرَّاء مسَّتْه، أنه يفرح ويَبْطَرُ ويظنُّ أنه سيدوم له ذلك الخير ويقول: ﴿ذَهَبَ السيئاتُ عنِّي إنَّه لفرحٌ فخورٌ﴾؛ أي: يفرح بما أوتي مما يوافق هوى نفسه، فخورٌ بنعم الله على عباد الله، وذلك يحمله على الأشر والبطر والإعجاب بالنفس والتكبُّر على الخلق واحتقارهم وازدرائهم، وأيُّ عيبٍ أشدُّ من هذا؟!

﴿إِلَّا الَّذينَ صَبَروا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ﴾، وهذه طبيعة الإنسان من حيث هو؛ إلا مَنْ وفَّقه الله وأخرجه من هذا الخُلُق الذميم إلى ضدِّه، وهم الذين صبَّروا أنفسهم عند الضراءِ فلم ييأسوا، وعند السراء فلم يبطروا، وعملوا الصالحات من واجبات ومستحبَّات.
﴿أولئك لهم مغفرة﴾؛ لذنوبهم يزول بها عنهم كل محذور، ﴿وأجر كبير﴾؛ وهو الفوز بجناتِ النعيم التي فيها ما تشتهيه الأنفس، وتلذُّ الأعين”.

اللهم إنا نبرأ إليك من حولنا وقوتنا، ونلجأ إلى حولك وقوتك، فخذ بأيدينا إلى صراطك المستقيم، يا رَحْمَنُ يا رَحِيمُ.