لن يعوِّض «كم» نمو المرؤوسين «النقص» في نمو القائد[.]
إن معظم التغيير يبدأ بتغيير ذاتي، وإن معظم النمو يبدأ بالنمو الشخصي، وأن النمو الشخصي للقائد يؤثر مباشرة على القدرة الحيوية للنمو التنظيمي، وعلى القائد قبل أن يحاول تنمية الاصالة والغاية والتجانس والتواصل لدى مرؤوسيه يجب أن يكرِّس نفسه أيضا لإحداث نمو لديه في الأصالة والغاية والتواصل. كما يقول “كيفن كاشمان Kevin Cashman” في كتابه “مبدأ التوقف المؤقت: خطوة إلى الخلف كي تقود إلى الإمام The Pause Principle: Step back to lead forwarad”
ويضيف الكاتب: القائد عندما يرتكز على وعيه بسماته الشخصية وقيمه وغاياته و مجالات تفوقه وأصالته، سيكون لديه قاعدة مرجعية قوية لتشجيع مرؤوسيه على الانضمام إلى رحلة إحداث النمو؛ عندما ينمو القائد ويُقيِّم النمو فإن مرؤوسيه سيحذون حذوه.
إننا عندما نفعل ذلك فإن عملية تطويرنا لمرؤوسينا ستكون قوية، وإن مصداقيتنا سنستحقها عن جدارة، ونصبح القادة الذين نرغب أن نكون، ومن هذه المنصة القوية الموثوقة نستطيع تسريع عملية تطوير الآخرين.
وأهم أداتين لتعزيز النمو لدى المرؤوسين هما الأسئلة والإصغاء.
فالأسئلة هي اللغة التعبيرية المجسية لتنمية المرؤوسين، والإصغاء هو لغة الانفتاح وتسهيل تنمية المرؤوسين.
هاتان الأداتان المكملة إحداهما للأخرى تشكِّلان دائرة حوار النمو المستمر، وكلما تعمَّقت الأسئلة تعمَّق الإصغاء، وكلما تعمَّق الإصغاء تعمُّق السؤال التالي.
وعندما نتعمّق في كلا الأداتين فإننا نكتشف بصورة متبادلة أشياء جديدة؛ فإن التعليم ليس عملية من طرف واحد، بل عملية تشاركية يتولد منها العاطفة والثقة والتعاون.
وحتى يكون للنمو تأثير تحويلي مستدام؛ فهو يحتاج إلى دمج المراحل (الوقفات المؤقتة) الثلاث التالية والنابعة من طرح الأسئلة والإصغاء، وهي: بناء الوعي، وبناء الالتزام، و بناء الممارسة. فإذا توفرت هذه الأدوات الثلاث معاً تُحدث الاختراقات ويُستدام النمو؛ وإذا لم نساعد مرؤوسينا على التوقف المؤقت بالصورة الكافية في كل واحدة من هذه المراحل فإن النتائج -على الأرجح- ستتبدد مع مرور الوقت.
الوقفة المؤقتة الأولى: بناء الوعي:
بناء الوعي عن طريق استخدام الاسئلة والإصغاء يساعد على فهم مختلف التحديات الداخلية والخارجية. ولمساعدة مرؤوسيك على النمو يجب الابتعاد عن دور الخبير والمعلم (الفاهم)، والتوقف والنزول لمساعدتهم على فهم وضعهم الحالي.
الوقفة المؤقتة الثانية: بناء الالتزام:
بناء الالتزام يبدأ بمساعدة المرؤوسين على أن يضعوا في الاعتبار عواقب أفعالهم.
لا يكفي أن نساعدهم على الفهم الفكري أنهم إذا استمروا بالحال نفسها فإنهم سيقصرون عن بلوغ الأهداف أو أنهم سيحدون أنفسهم أو الآخرين، بل يجب أن نساعدهم على رؤية ذلك والشعور به واختباره. عندما نحقق تواصلا عاطفيا عميقا ناتجا عن أثر سلوك معين أو قرار معين؛ فإن حياتنا ستتغيَّر بشكل دائم.
يجب أن نتذكَّر أن نطوِّر الالتزام الذي ينبغي أن يرى ويشعر ويختبر هذه العواقب بالنسبة لنفسه كرئيس وبالنسبة للآخرين (المرؤوسين).
الوقفة المؤقتة الثالثة: بناء الممارسة:
بدون ممارسة لن نحصل على تغيير. التوقف لمساعدة الآخرين على تحديد ما يجب ممارسته يجلب الحياة والحيوية والزخم لوعيهم والتزامهم الجديد. المرؤوسون الذين نحاول مساعدتهم يمكن أن يصبحوا أصحاب وعي والتزام تام بالأهداف النبيلة، ولكننا إذا فشلنا في منحهم باستمرار فرصة ممارسة سلوكيات جديدة فإن ذلك يشبه أن نضيء المصباح ونغلق أعيننا.
[منقول بتصرف من مجلة المدير]