(الجزء الثاني)
تحدثنا سابقا عن ضابط من الضوابط الإدارية السبعة القابلة للتعلُّم التي أشار إليها Jim Burkett في كتابه The Learned Disciplines of Management وهو التخطيط، وفي هذا المقال سنفصِّل ضابط آخر هو التنظيم :
الضابط الثاني : التنظيم
الضابط الثاني القابل للتعلم هو التنظيم. من خلال ممارسة التنظيم يتم تعزيز ترابط حيوي بين الأهداف والموارد الضرورية لإنجاز تلك الأهداف.
تقوم المنظمات والشركات بعملية التنظيم بطريقتين: الأولى أنها تتأكد من أن الموارد المطلوبة متاحة وبالتالي يمكن أداء النشاطات الرئيسة بنجاح. الثانية يتم تنظيم النشاطات لضمان استخدام الموارد بكفاءة وفاعلية. عندما يتم تنفيذ هذين الجانبين التنفيذيين تكون النتيجة هي تعظيم الموارد والنتائج؛ مما يساهم في عملية وضع الإدارة الأمور في نصابها الصحيح.
التنظيم من العمليات المدروسة والمثيرة و التي تستهلك الوقت. نقطة انطلاقها هي معرفة كل الأنشطة التي يجب أداؤها لبلوغ الأهداف. بمجرد تحديد هذه الأهداف؛ يجب أن تكون مفهومة تماماً للجميع. فقط بعد تحديد النشاطات وفهمها تستطيع الإدارة تقييم ما إذا كانت هذه الأنشطة تعظِّم الموارد والنتائج أم لا. إذا حدّدت الإدارة أن هذه الأنشطة لا تعظِّم الموارد والنتائج، عندها عليها أن تعمل على تنظيمها على نحو أمثل.
قد تبدو للوهلة الأولى صعوبة تنفيذ هذه الأوامر. لكن ـ لحسن الحظ ـ هذه العملية يتم بلوغها تدريجياً شيئاً فشيئا؛ً مما يُسهِّل عملية السيطرة عليها.
إن الأهداف تتحقق عن طريق وسائلها التي وضعتها لهذا الغرض. هذه الوسائل تتكون من مختلف الأنشطة التي يجب أداؤها بنجاح. عليه؛ يتعيَّن على الإدارة أن لا تكتفي فقط بمعرفة هذه الأنشطة، ولكن أيضاً تجزئتها وصولاً لمختلف الخطوات والعمليات والإجراءات والموارد المطلوبة لإتمام إنجاز هذه الأنشطة بنجاح.
قبل الفهم التام للأنشطة وتقييمها يجب في البدء معرفتها. على سبيل المثال إذا كان هناك هدف لتحقيق نمو في المبيعات بنسبة 10% فإن أداء مزيد من مكالمات المبيعات يكون هو النشاط المتعارف عليه. وإذا كان الهدف هو تحصيل مستحقات لدى الآخرين والتي مرَّ عليها أكثر من 60 يوماً؛ فإن إجراء اتصالات هاتفية مع تلك الجهات المتأخرة في الدفع يكون هو النشاط المطلوب. كل نشاط من هذه الأنشطة له مكونات مختلفة يجب تحديدها. القيام بإجراء مزيد من المكالمات الهاتفية يستلزم اختيار العملاء المحتملين، وتعيين وتنفيذ مواعيد هذه المكالمات، وتقديم مقترحات المبيعات، ومعالجة طلبات العملاء، وتحديد ما إذا كان لدى مندوب المبيعات وقتً إضافي للقيام بهذه الخطوات أم لا.
في كثير من الأحيان يكون التعرف على النشاطات عملية بسيطة؛ ولكن بعض الحالات تجعل منها عملية معقدة. من الصعب التعرف على النشاط الذي لم يتم إنجازه والذي ينبغي إنجازه، وذلك لأن النشاط الذي لم يتم إنجازه لا يمكن ملاحظته؛ مما يجعل التعرُّف عليه عملية صعبة. لحسن الحظ أن النشاط الذي لم يتم إنجازه يفضي إلى عواقب يمكن ملاحظتها وبالتالي يجعل من عملية التعرف عليها ممكنة.
بمجرد التعرف على كل الأنشطة وتحديد عملياتها المختلفة وفهمها فهماً تاماً؛ نقوم بتقييم مدى تنظيمها بصورة أمثل من عدمه. تقييم مدى تنظيم نشاط ما يضمن أن الموارد تم ترتيبها وتنسيقها بالكيفية التي يتم بها أداء النشاط بصورة ناجحة، وتضمن أن الموارد الموظفة تُستخدم بكفاءة وفاعلية.
في عملية تنظيم نشاط ما من المفيد أن نطرح السؤال «لماذا؟» لماذا هذا النشاط قد تم تنظيمه وأداؤه بتلك الطريقة؟. على سبيل المثال: لماذا لم يتم أداء هذا النشاط بطريقة أكثر ذكاءً أو بطريقة أسرع أو أفضل أو أقل تكلفةً؟ إن طرح السؤال «لماذا؟» لا يساعد الإدارة فقط على تقييم كيفية تنظيم وأداء النشاط المعين؛ ولكن أيضاً يساعد على تحديد كيف ينبغي أن يتم تنظيمه وأداؤه.
النشاط الذي يتم تنظيمه بصورة مثالية يعظِّم النتائج والموارد. وفي المقابل النشاط ضعيف التنظيم يستهلك المزيد من الموارد ونتائجه أقل، في حين أن النشاط المنظم بصورة جيِّدة يستخدم موارد أقل، وفي الوقت نفسه يفضي إلى نتائج أكبر. نستطيع أن نلاحظ هذا في عملية تقييم السيارات؛ فالسيارة التي تقطع 40 ميلاً بجالون بنزين واحد تأخذ تقييماً جيِّداً ( تعظيم الموارد) في حين أن السيارة التي تقطع مسافة 7 أميال بجالون بنزين واحد تُقيَّم أنها أقل كفاءة ( تُخفِّض من قيمة الموارد).
تعظيم الموارد ( الأفراد، المعدات، المواد، الإمدادات…إلخ) هو ما تقوم به الإدارة الفاعلة. عليه؛ فإن النشاطات الفردية (التفاعلات بين النشاطات المتكاملة) يتم تحليلها وتقييمها لتحديد مدى كفاءة وفعالية استخدامها للموارد.
إن الانضباط في التنظيم يركِّز على كل من الكفاءة وكفاءة استخدام الموارد على حد سواء؛ لأنه من الممكن أن نستخدم الموارد بكفاءة ولكن قد نفشل في كفاءة تحقيق النتائج المرجوة من النشاط المعين، وكذلك من الممكن أن يحقق النشاط النتائج المرجوة لكن بطريقة غير فعالة؛ مما يقود إلى إهدار الموارد.
تقوم الإدارة بقياس وتحليل وتقييم مدى جودة تنظيم كل نشاط باستخدام قياسين اثنين هما: الكفاءة والفعالية. إذا لم يُعظِّم النشاط النتائج والموارد فيجب إعادة تنظيمها. يجب الوضع في الاعتبار أنه خلال عملية التنظيم من الحيوي الميل تجاه الموارد الأكثر قيمة.
التنظيم الفعَّال ينجم عنه تعظيم الموارد الداخلة في النشاط المعين والنتائج التي تحققها. عندما يتم تنظيم النشاطات بصورة مثالية فإنها تساعد على بلوغ أهداف الشركة أو المنظمة.