هناك إهمال وكثير من الارتباك في هذا الجانب الهام من الإدارة والقيادة تبدأ من المصطلحات غير المحددة وغير واضحة.
وإليك ما نعتقد أنه الجواب الشافي فيما يتعلق بفهم وإدارة المُساءلة :
المسؤوليات الرئيسية Principal accountabilities
غالبا ما تحتوي قوائم الوصف الوظيفي على إشارة إلى “المسؤوليات” ولأغراض عملية في كثير من المنظمات، قد لا تكون المُساءلة مجرد كلمة مثيرة للإعجاب للمسؤوليات أو المسؤوليات الرئيسية، وقد تظهر كلمة “واجبات” أيضا، ولكن إذا كانت هناك عملية متميزة لمُساءلة المديرين عن أدائهم الوظيفي، فينبغي أن تركز هذه العملية على المسؤوليات الرئيسية في توصيف الوظائف، بالإضافة إلى بعض الأمور الأخرى التي قد لا تظهر في هذا التوصيف.
مسؤولية أم مُساءلة؟ ?Accountable or responsible
في ظروف معينة قد يكون الخضوع للمُساءلة والمسؤولية أمران مختلفان تمام الاختلاف. وقد يكون للمدير مسؤوليات أمام أناس مختلفين، ومسؤوليات عن أناس مختلفين وعن أمور أخرى (الموارد مثلاً) ويمكن إشعاار المديرين بأنهم مسؤولون عن بعض المسؤوليات، وأنهم أيضاً سيخضعون للمساءلة حول بعض من تلك المسؤوليات، وهذا عادة ما يكون أمام رؤساؤهم المباشرين، الذي يمثل سلطة المنظمة، وقد يجد المدير المعني نفسه في نفس العلاقة مع مرؤوسيه، مما يجعلهم يتحملون مسؤولياتهم/ وواجباتهم.
والمساءلة النهائية تملكها الجهات المسؤولة، حيث يمثل كبار المدراء كمسؤولين أمامهم عن الموظفين والعمال والموردين والمستثمرين والمجتمع والأصول والموارد النادرة وغيرها، وكذلك النتائج المالية.
الخضوع للمُساءلة Being held to account
في كثير من المنظمات، غالبا ما يفترض أن “الخضوع للممساءلة” يحدث تلقائيا عندما يشغل المدير المعني “وظيفة قابلة للمساءلة”، حيث يتوقع من المديرين أن يتصرفوا بمسؤولية في وظائفهم، وليسوا بحاجة إلى “التدقيق والمتابعة” بهذه الطريقة الرسمية، لكن بالمقابل السلبية المفرطة والثقة الافتراضية العمياء تترك عملية المساءلة دون إدارة من قبل المنظمة وهو خطأ كبير.
وبالمثل، فعمليات الاستدعاء رسميا للمساءلة (وفي الحالات الخطيرة التي يثبت أنها “خاضعة للمساءلة” عن الأخطاء) غالبا ما تأتي في حالات الفشل، ولكن هذا الرأي القائل “استثناءً” بعدم المساءلة لهو أمر محفوف بالمخاطر: يجب أن تكون هناك عملية تدار بطريقة أكثر رسمية لتسليم الأمور التي المهمة حقا كعنصر من ممارسات الإدارة المنتظمة والحوكمة الجدية وأن تنفذ في أي وقت، وليس فقط عند وقوع خطأ معين. وليكن الشعار: “حاسبوا الناس على كل ما يجب عليهم القيام به، وكذلك لما فعلوه – بطريقة خاطئة!” وعندما تقع الأخطاء، ينبغي أن تغطي كل مهام التفويض والمسؤولية وكذلك جوانب الإهمال والإغفال.
من يحق لهم إخضاع الآخرين للمُساءلة Those who hold others to account
الأشخاص الذين هم في وضع يسمح لهم بإخضاع الآخرين للمحاسبة والمساءلة الرسمية يحق لهم أن يطلبوا المعلومات، ويفرضوا العقوبات، ويصدروا تعليمات، وما إلى ذلك، ولكن لا يحق لهم تقويض السلطة أو الصلاحيات المخولة للمدير الذي يخضعونه للمساءلة أو مبادراته الشخصية.
كما يجب أن يكون هؤلاء الأشخاص مسؤولين أمام جهة أخرى عن عملية محاسبة المدير الذي يمثل أمامهم (عادة ما يكون مديره المباشر). وينبغي عليهم قيادة وإدارة عملية المساءلة.
أيضاً يجب عليهم أن يعرفوا ما هي الاسئلة التي يطرحونها للطعن في المدير وحماية مصالح المنظمة، وينبغي أن تنطوي العملية على حوار يتسم بالتحدي يغطي أهم جوانب الأداء المطلوب.
وعادة ما تتم العملية على أساس واحد إلى واحد، وأمام المدير المباشر للمسؤول الذي يخضع للمساءلة، وأحيانا قد يطلب من المدير على سبيل المثال أن يمثل للمحاسبة أمام مجلس أو هيئة أو جهة تنظيمية أو ممثلين سياسيين أو وزير حكومي.
إخضاع الفريق للمُساءلة Holding a team to account
في بعض الأحيان، يمكن اعتبار مجموعة من المديرين مسؤولين أمام جهتهم المسؤولة عن مسؤولية كمهمة مشتركة بينهم. ومن الأمثلة على ذلك ما إذا كان رئيس تنفيذي قد اتهم مجموعة من المديرين بأن يقوموا معا بخلق مشكلة عزل إداري فيما بينهم، ثم يقوم بعد ذلك رسميا بالاتصال بهم وعقد اجتماع خاص، كمجموعة، لحل المشكلة، ويكون فعالاً ويسيطر عليهم والتأكد من أنه ليس لديهم خيار سوى التصرف بناء على تعليماته، أو مواجهة العواقب.
حوار “المُساءلة” The ‘holding to account’ dialogue
يمكن تحقيق هذا الحوار جزئيا من خلال تقييم الأداء الفردي، وفي هذه الحالة ينبغي أن تتناول مناقشة الأداء مسؤوليات المدير سواء بالنسبة للإدارة أو القيادة، بيد أن تقييم الأداء السنوي عادة ما يكون نادرا جدا وغير رسمي ويفتقر إلى التحدي المتمثل في تلبية الاحتياجات الرسمية للمدير لكي يحاسب على النحو الواجب اذا اقتضت الحاجة، وينبغي أن يركز الحوار بشكل أقل على المسؤوليات المستمرة للمدير، وأكثر من ذلك على الأولويات الخاصة والمخصصة والإجراءات التي لن تلقى في كثير من الأحيان أي إشارة خاصة في الوصف الوظيفي.
أن تكون في وظيفة خاضعة للمساءلة Being in an accountable job
وهناك تعريف آخر “للوظيفة الخاضعة للمساءلة” يظهر في البحث الرائد لمستشار الإدارة بريان دايف Brian Dive ، حيث يزعم أن الوظيفة لا تخضع للمساءلة إلا عندما يوفر نظام الدرجات للمدير مساحة واضحة فوق مستوى سلطته أو دونه، ولا سيما لاتخاذ القرارات، وفقط في مثل هذه الظروف يكون من المعقول أن يحاسب المدير على مسؤولياته المختلفة، ولذلك، فإن وضع الهيكل التنظيمي بشكل صحيح من الأمور الضرورية لمساءلة المديرين.
مستويات حقيقية قليلة للمُساءلة Few true levels of accountability
يقول ديف أن هناك عددا محدودا فقط من المستويات الواضحة للمساءلة الحقيقية في أي تسلسل هرمي للمنظمة، وهذا عادة ما يكون حوالي سبعة مستويات، حيث أن أكثر من ذلك يجعل الهيكل مشوشاً، وغير فعال وعاجز عن العمل، فالممارسة الواسعة الانتشار التي تتسم بها هياكل الإبلاغ الطويلة، ومتعددة المستوى، التي غالبا ما يكون فيها اثنان أو أكثر من المديرين الذين يشغلون مستوى مساءلة حقيقي واحد على نحو فعال (حتى لو كان ذلك بدرجات مختلفة قليلا من الأجور) يؤدي إلى “وظائف جوفاء”، وهي سبب رئيسي لعدم القدرة على العمل، ويفتقر المديرون بعد ذلك إلى الوضوح أو الحافز للقيام بمسؤولياتهم والتصرف بحسمها.
وفي ظل هذه الظروف، ليس من العدل إلقاء اللوم على المديرين بسبب الافتقار إلى القدرة؛ وأنه من السذاجة وإساءة استخدام الأموال لنتوقع برنامج تطوير إدارة لحل المشكلة، على الرغم من أن هذا هو استجابة شعبية.
(مقتطف من الفصل 14: من كتاب “القيادة والمساءلة” لويليام تيت لعام 2009 “البحث عن القيادة”، منظور تنظيمي، ويتضمن الكتاب قسما عن المساءلة في برامج التغيير، كما أنه يحتوي على قائمة مرجعية يمكن للمنظمة أن تقيٍّم من خلالها الحالة العامة لممارساتها في مجال المساءلة، مجموعة أدوات القيادة النظامية يحتوي على مصفوفة من التركيز الممكنة للمساءلة).