كُتب الكثير وتحدث الكثيرون عن أهمية الموظفين في تنفيذ الاستراتيجيات؛ فقد يكون لديك استراتيجية أعمال جيدة، ولكن إذا لم تتمكن من إقناع موظفيك بالمشاركة الإيجابية، فلا تعدو حينئذ أن تكون مجرد حبر على ورق!
كيف يمكن استثمار مشاركة الموظف؟
يمكننا فهم مشاركة الموظف على أنه المستوى الذي يتم فيه استثمار الموظفين لتحقيق مستويات أعلى من الإنتاجية، ومعدلات أفضل للاحتفاظ بالموظفين في وظائفهم، وصولاً إلى زيادة الأرباح، وبالتالي نجاح الأعمال.
والخطوات التالية تساعد المنظمات على استثمار مشاركة الموظفين في تتفيد استراتيجيات الأعمال :
أولاُ: امنح موظفيك شعوراً بالأهمية
من الدوافع الرئيسية لمشاركة الموظفين هو شعورهم بالهدف في المنظمة، فهم عادة ما يحتاجون إلى فهم ومواءمة السبب الذي يدعوهم إلى القيام بشيء ما، هدف المنظمة والسبب في وجودها أصلاً، لماذا تقوم منظمتك بما تقوم به؟ قد يكون هدف المنظمة إيجاد حل معين لمشكلة ما، مثل رؤية التعليم التي تقول: “حصول جميع المواطنين على فرصاً متساوية من التعليم مدى الحياة”. أو كأن تقوم مؤسسة بمساعدة الناس على تحقيق شيء محدد، مثلا رؤية شركة نقل تقول: “لتحقيق الوصول السريع والآمن من خلال تجربة ركوب المترو”، وهكذا؛ فعندما يتم إقناع الموظفين بالهدف الذي قامت من أجله المنظمة التي ينتمون إليها، ستكون هناك فرصة أفضل بكثير للمشاركة في عملهم.
وفي كل مرة يتم فيها عرض الخطة، فيجري التذكير لماذا نفعل ما نقوم به من أعمال.
ثانياً: إشراك الموظفين في عملية تطوير الاستراتيجية بناء على الأدوار والوظائف
إشراك الموظفين ليكونوا جزءا من عملية تطوير الاستراتيجية بناء على الأدوار والوظائف التي يقومون بها، يمكن أن يسهم كثيراً في تحسين مشاركتهم، فعند شعورهم بأنهم ساهموا في بناء العمل الذي يقومون به، فسيمارسون مستويات أعلى من المسؤولية والشعور بالانتماء إلى وظائفهم وأهدافهم، وليس من المستغرب حينئذ أن يكونوا أكثر انخراطا في وظائفهم ومنظمتهم.
إن عملية إنشاء الاستراتيجية يجب أن تتسلسل عبر المؤسسة، ابتداءً من القمة حيث الإدارة العليا، نزولاً إلى أسفل طبقات السلم الوظيفي في المنظمة بحيث يلعب الموظفون في كل طبقة دور في عملية الإنشاء، وعلى المديرين، بمجرد أن يتسلموا أهدافهم الاستراتيجية ومؤشرات الأداء الرئيسية الخاصة بهم، أن يجلسوا مع فرق العمل التابعة لهم لوضع الخطط مع جميع الأطراف المشاركة في عملية التنفيذ.
هناك برامج لتنفيذ ذلك، تتعلق بالتتالي من أعلى هرم المنظمة إلى أسفلها، ويسمح بالتأكد من مشاركة الجميع في عملية بناء الاستراتيجية، كما يمنح رؤية كاملة لمؤشرات الأداء الرئيسية والأهداف لكل شخص.
ثالثاً: تحديد الأدوار والمسؤوليات بشكل واضح
مع أن هذا أمر يبدو واضحًا بما فيه الكفاية، إلا أنه غالباً ستجد موظفين غير واضح لهم الحقوق والمسؤوليات ذات العلاقة بأدوارهم، فكيف تتوقع أن يتفاعلوا مع أدوارهم إذا لم يكونوا متأكدين بنسبة 100٪ ما هو دورهم؟
الأدوار المحددة بوضوح، والتي تعبر عن نطاق الحقوق والمسؤوليات تعني الفرق بين مشاركة الموظفين وعدم مشاركتهم، ينبغي أن يعلموا وعلى وجه الدقة كيف يسهم عملهم في بناء الصورة الأكبر للمنظمة، فالفهم الواضح للتوافق والموائمة بين عمل الموظفين وأهداف المنظمة أمر أساسي، بعد ذلك يستطيع الموظفون معرفة مدى أهمية عملهم، ويشعرون بأهمية وظيفتهم ويزيدون من مشاركتهم.
والخطوات التالية تمثل جهوداً بسيطة يمكن بذلها لضمان حصول جميع الموظفين على أدوار ومسؤوليات محددة بوضوح: كتابة وصف وظيفي واضح لكل موظف، وتحديد الخطوط العريضة للحقوق وصناعة القرار ونطاق الأدوار، و تحديد الأهداف والغايات التي يجب أن يحققها الدور بشكل واضح.
رابعاً: فرص للنمو
إن توفير فرص النمو يثري الثقة في أن العمل الشاق سوف يؤتي ثماره، حيث تتيح الفرصة للنمو والتطوير باستمرار في الحفاظ على تواصل الموظفين مع عملهم، وما لم يُمنح الموظفون الفرصة للارتقاء والنمو، فستلاحظ انخفاضًا في نسبة المشاركة وسرعة دورانها لتصبح اتجاهًا صُعُودِيًّا حَقِيقِيًّا، والموظفون الذين يشعرون بعدم الاستفادة من طاقاتهم والمقيدين في تطبيق مهاراتهم وقدراتهم سوف يبحثون بسرعة عن فرص أخرى، ولهذا السبب، من المهم إنشاء وتوفير فرص للموظفين لتحقيق النمو.
من المستحسن خلال العام أن تعقد لقاءات مع الموظفين للحديث معهم حول خططهم المهنية، وهل هم راضون عن الدور الذي يقومون به حالياً؟ وهل يشعرون بأنهم لديهم ما يكفي من الاستعداد لمواجهة تحدٍّ جديد وتوسيع مهاراتهم؟ وهل يشعرون أنهم يحصلون على فرص كافية للقيام بذلك؟
ضع خططًا للتطوير والارتقاء ومن ثم المتابعة والتأكد من وقت لآخر من هذه الخطط تسير في مسارها الصحيح.
خامساً: التواصل
إن بيئة العمل التي تعزز التواصل الجيد، تسهم عادة في زيادة احتمال مشاركة الموظفين، فعندما تكون هناك خطة واضحة للتواصل مع الموظفين، فسيشعرهم ذلك بشيء من التقدير، فمن خلال هذا التواصل يمكنك إبقاؤهم ضمن دائرة الاهتمام، ويكونون على اطلاع بالمعلومات اللازمة لإنجاز المهام الموكلة إليهم بنجاح، فالناس عادة يتجاوبون ويتفاعلون بشكل جيد عند شعورهم بالأهمية والقيمة لدى الآخرين، ونتيجة لذلك تزيد مستويات التحفيز والمشاركة في عملهم، التواصل الجيد يجب أن يكون: ( متكرراً Frequent ، ومتسقاً Consistent ، وصحيحاً Correct ، وكاملاً Complete ، ومراعياً لشعور الآخرين Considerate ، ومتبادلاً بين الطرفين Tow way street )
ومع أن الأمر يبدو بسيطا للغاية، إلا أن تعزيز التواصل الجيد يتطلب ممارسة وتكريسا للجهد المتفاني، فمنح الموظفين قنوات جيدة للتواصل يمكن أن يمهد الأرضية، وبعد ذلك تشجيع نقل الرسائل الصحيحة من خلال هذا التواصل.
سادساً: التقدير والمكافأة
التقدير والمكافأة يعد من المحفزات المعروفة -إلى حد ما- لتشجيع مشاركة الموظفين في المنظمات، فعندما تقوم بمكافأة الموظف وتظهر له العرفان والتقدير تجاه ما قام به، سيشعر حينئذ بأن ما قام به محل تقدير، وعندما يبدع الموظف في عمله ويجد الثناء على جهوده، سيشعر بأن دوره مهم في المنظمة، كل ذلك من شأنه إيجاد بيئة ناضجة لزيادة مشاركة الموظفين.
وهناك أنواع مختلفة من أساليب التقدير والمكافأة ، وبعضها يتفوق على بعضها؛ ولا أحد ينكر أن المال (المنافع النقدية) مهم في هذا الجانب، وهذا النوع الأكثر شيوعا من أساليب المكافأة التي يحصل عليها الموظف كمكافأة تشجيعية، ويكون دافعاً للآخرين، ومع أن لهذا الأسلوب حدوداً معينة، بيد أن بعض الدراسات ذهبت إلى أبعد من ذلك، وخلصت إلى أن المال وحده لم يعد أداة التحفيز اللازمة لحث الموظفين على المشاركة، فهناك العديد من الأساليب الأخرى لمكافأة الموظف وإظهار التقدير ولعرفان لما قام به، فقد أصبح هناك اتجاه -وبشكل متزايد وبصورة متكررة- إلى برامج لإظهار التقدير للموظفين من أجل زيادة المشاركة، بحيث تلبي هذه البرامج رغبات التقدير لدى الأشخاص الذين لا يمكن إرضاؤهم بالمال، فالمنظمات التي تعبر عن تقديرها لموظفيها تجاه ما يقومون به من اجتهادات كبيرة، تشعرهم بأنهم أعضاء مهمون في فريق العمل. وهذا من شأنهم أن يساعدهم على تطوير رابطة عميقة مع العمل الذي يقومون به.
سابعاً: ازرعوا الصداقة
وأخيراً وليس آخراً، الصداقات التي تنشأ بين الموظفين لها بعض الآثار الإيجابية الهامة، فعندما تسهم ثقافة المنظمة في تشجيع الصداقة على النمو والازدهار، فستكون هناك زيادة كبيرة في رضا الموظفين، بل أن بعض الدراسات تشير إلى أنها سبب لزيادة الارتياح والرضا بنسبة50٪، هذه الصداقات في العمل تسهم في بناء روابط تساعد على توليد مشاعر إيجابية لدى الموظف تجاه عمله ومنظمته التي يعمل فيها.
ويمكن لتشجيع ذلك بين الموظفين من خلال تنظيم فعاليات اجتماعية تتيح إظهار ذواتهم في بيئة أكثر استرخاءً.
الخلاصة .. استراتيجية الأعمال الجيدة، تتطلب استثمار مشاركة موظفيك لتنفيذها وإنجاحها !
(ترجمة بتصرف : www.executestrategy.net)
هذا المقال رائع ولكن لدي تعليق بسيط … وهو أن تكون لدى كل القياديين الصلاحيات لتفعيل هذه الادوات وفي حال عدم وجود الصلاحيات التي تمكن القائد من استخدام كل هذه الادوات او بعضها فيجب عليه حين إذ أن ينزعها في سبيل التغيير حيث أن المثل المعروف ” الصلاحيات تنتزع ولا تمنح” هي في واقع كثير من الاحيان صحيحه.