ان بناء نموذج استراتيجي قوي يعد عنصراً أساسياً لتنفيذ الخطة الاستراتيجية للمنظمة. وعادة ما يتضمن النموذج الأهداف (وهو ما تسعى لتحقيقه) ، والمشاريع (ما الذي ستفعله لتحقيق تلك الأهداف؟)، ومؤشرات الأداء الرئيسية (كيف ستقيس تحقيق أهدافك؟).
نسعى من خلال هذه المقالة للتركيز على (المشاريع) وهي الخطوات التي تقوم بها في مسيرتك نحو تحقيق الأهداف – قد يبدو الأمر واضحًا، بيد أننا جميعًا مررنا بالوضع الذي يتيح لنا النظر إلى مؤسستنا ورؤية :
- الأهداف الاستراتيجية الرئيسية التي لا يبدو أن هناك ما يكفي من الأنشطة اللازمة لدعمها
- المشاريع النشطة التي لا تدعم الأهداف بشكل واضح
- غياب التنسيق في المنظمة لتحديد أو تغيير أي من الحالتين أعلاه
ما هي إدارة الأداء الاستراتيجي؟
إدارة الأداء الاستراتيجي (SPM) هي عملية التفكير في مشاريعك على ضوء صلتها بالخطة الاستراتيجية للمنظمة. وبعبارة اخرى، إدارة الأداء الاستراتيجي تدور حول إنشاء روابط واضحة بين مشاريعك وأهدافك.
والفرضية التي تقوم عليها إدارة الأداء الاستراتيجي هي أن “المشروعات” يجب أن تكون الجزء “القابل للتنفيذ” من استراتيجية المنظمة.
ولعل هذا هو السبب في النظر إلى إدارة الأداء الاستراتيجي على أنها عنصر أساسي. كما أن إدارة الأداء الاستراتيجي لا تتعلق فقط بعملية إدارة المشاريع الكبيرة والمهمة، بل تتعلق بتصميم وإدارة مجموعة من المشاريع للتأكد من أنها تدعم الخطة الاستراتيجية، من خلال التأكيد على ما يلي:
- توليفة المشروعات مناسبة وكافية للوصول إلى أهدافك الاستراتيجية
- المشروعات لديها الموارد المناسبة
- في حالة الحاجة إلى تغيير الجداول الزمنية والموارد، يتم تحديد أولويات المشروعات وفقًا للخطة الاستراتيجية، والآثار الواردة في الخطة.
عندما تحدد العناصر الرئيسية لإنشاء مشروع فعال، ما هي الطريقة المثلى للتأكد من أنك تقوم ببناء مجموعة من المشاريع التي ستساعدك على تنفيذ استراتيجيتك من خلال تحقيق أهدافك بالفعل؟ وقد حددت هذه المقالة مجموعة الأشياء الرئيسية التي عليك القيام بها لتحقيق ذلك.
“المشروعات التي تدعم الاستراتيجية” مقابل “المشروعات التشغيلية”
المشروعات التي من المفترض أنها تدعم خطتك الاستراتيجية، هذه ببساطة نسميها “المشاريع الاستراتيجية”، قد يكون لديك مشاريع تشغيلية تعد جزءًا أساسيًا في أداء أعمالك اليومية، والتي على الرغم من كونها ضرورية، فهي ليست من العناصر التي تدفع المنظمة للأمام – وهذه هي الطريقة لمعرفة الفرق بين الاثنين: إذا كان المشروع يدعم هدفًا في استراتيجية، فحينئذ يمكننا تعريفه بأنه مشروع استراتيجي.
الشيء الرئيسي الذي يجب ملاحظته هو أن المشروعات الاستراتيجية في هذا السياق لا يجب أن تكون ضخمة – فمعظم المشاريع الكبيرة يجب أن تكون مشاريع استراتيجية (وإلا فلماذا ننفق كل هذا الوقت والاستثمارات؟)، ولكن قد يكون لديك العديد من المشاريع التي تتراوح بين الصغيرة إلى المتوسطة، وهذه تعتبر عناصر لابد منها لتحقيق أهدافك.
ما الفرق بين إدارة الأداء الاستراتيجي وإدارة المشاريع؟
هناك الكثير من التداخل بين إدارة المشاريع التقليدية وإدارة المشاريع الاستراتيجية، ذلك لأن الجزء “الاستراتيجي” من العبارة يتحدث بشكل أساسي عن تطبيق “العدسات الاستراتيجية ” على مجموعة مشاريعك الحالية.
هذا يعني أنك ستستمر في تطبيق جميع مهاراتك وعمليات إدارة المشاريع التقليدية على إدارة المشاريع الاستراتيجية، ولكن بالإضافة إلى ذلك، ستقوم بتوضيح العلاقة بين مشاريعك واستراتيجيتك.
خذ مثلاً إدارة المشروعات الاستراتيجية كنظام فرعي إضافي ضمن النطاق الأوسع لإدارة المشروع، بنفس الطريقة التي تسير بها اليوم إدارة التبعيات dependencies أو الموارد resourcing.
كيف تضمن أن مشاريعك تدعم استراتيجيتك
المشاريع هي لب الاستراتيجية- فهي تكون موجودة حيث يتم إنجاز الأمور فعلاً وتحقيق التقدم نحو الأهداف، كما تجدها أيضًا حيث يتم إنفاق كل الوقت والمال، فكيف تتأكد من أن أنشطتك تتماشى بشكل جيد مع استراتيجيتك؟
- تأكد من أن مشاريعك تدعم أهدافك
- كل هدف نشط يحتاج إلى مشروع واحد على الأقل – هذا هو المشروع الواضح، قد يكون لديك أهداف مستقبلية “لم تبدأ” بعد، وهو أمر جيد، لكن يجب أن يكون لأي هدف “نشط” مشاريع – وإلا، فأنت لا تعمل بالفعل على ذلك، وبناءً على حجم مبادراتك، قد تجد أنك بحاجة إلى وجود مشاريع فرعية في إطار “مشاريع” لتمثيل أفضل للكيفية التي تنوي تقديم العمل.
- يجب على المشروعات تحقيق الأهداف – ويجب أن تكون قادرًا على القول إنك إذا قمت بعمل جيد في تنفيذ جميع المشاريع ذات العلاقة بهدف معين، فستحقق ذلك الهدف، لكن إذا لم تستطع قول ذلك، فأنت حينئذ بحاجة إلى أن تعيد النظر في توليفة المشاريع وتحديد الفجوات فيها.
- يجب ألا “تتداخل” المشروعات أو تكون زائدة عن الحاجة – تفحّص بعناية توليفة المشاريع الخاصة بك في إطار كل هدف وفي الاستراتيجية بشكل عام، وعلى أية حال، لن تستطيع تحقيق هدف كامل دون أن تنفذ أحد المشاريع التي تقود إليه – لكن لو تمكنت من تحقيق الهدف دون أن تقوم بتنفيذ أحد المشاريع المتعلقة به، عليك أن تعيد النظر مرة أخرى في علاقة هذا المشروع بالهدف المحدد، ربما يمكن أن تنفق هذا الجهد في مكان آخر؟ ويجب أن تكون مستعدًا لإلغاء أو تقليص نطاق المشاريع، وبالمقابل، تأكد من عدم وجود مشاريع داخل أو فيما بين الأهداف التي “تتداخل” في نطاقاتها، حت لا تضطر إلى تكرار العمل.
- يجب أن يكون لكل مشروع علاقة ارتباط واضحة بهدف واحد أو أكثر – حتى لو لم يكن مرتبطًا بشكل مباشر بالهدف (كأن يكون مثلاً، مشروعاً فرعياً ضمن مشروع أكبر تحت هدف معين)، وعلى المشروع أن يدعم بوضوح الهدف الذي تحاول تحقيقه، إذا استطعت رسم خط واضح من مشاريعك إلى مؤشرات الأداء الرئيسية، فسوف يتحسن الأداء، وهذا مؤشر ممتاز يدل على ذلك، ويمكن أن تلاحظ أيضاً أنه يمكنك من وقت لآخر أن تجد أن لديك مشروعًا يوضح القيمة الاستراتيجية بوضوح، ولكنه لا يتوافق مع هدف محدد – وقد يدل هذا على أنك بحاجة إلى إعادة النظر في أهدافك والتأكد من أنها توفر لك التغطية الصحيحة.
- تأكد من أن مشاريعك يتم تنفيذها بالفعل
- يجب توفير الموارد اللازمة لكل مشروع بواقعية – الوقت اللازم، والمال، والمهارات: وهي موارد أساسية لابد منها، وربما تكون أهم عنصر في التنفيذ الفعلي للمشروع. هذا يعني أنه يجب أن يكون لديك:
- تقدير احتياجات المشروع – تأكد من أن كل مشروع تقترحه لديه على الأقل مستوى عالٍ من الوقت والتكلفة والموارد المقدرة، ستجد أن هذا سيؤتي ثماره عندما تأتي لمحاولة تحديد الأولويات، ستكتشف أنك بحاجة إلى القيام بذلك على أي حال، وقد تتعرض لضغوط أكبر من حيث الوقت في تلك المرحلة.
- الميزانية المخصصة للمشروع – حقيقية. من؟ من أين تأتي الميزانية؟ بالنسبة لبعض المؤسسات، يأتي كل شيء من جهة واحدة من الأشخاص والمال، وفي مؤسسات أخرى قد يكون لديك عملية معقدة لطلب نفقات التشغيل ونفقات رأس المال، في كلتا الحالتين، إذا لم تكن من ميزانية شخص ما، فتأكد بأن ذلك لن يحدث.
- المخطط الزمني للمشروع يجب أن يتماشى مع الأهداف – سيتم تعيين هدف في اجتماع إداري، وبعد ذلك ببعض الوقت يكتشف أحدهم ما يجب القيام به فعليًا، ويخلق المشروعات… وكي لا تتراكم الجداول الزمنية، يجب تغيير شيء ما، إما المشاريع أو الأهداف، هذا أمر لا مفر منه- وإن لم تفعل، فستصبح خطتك غير واقعية، مما يعني أنها لن تكون ذات مصداقية، أي أنها لن تكون مفيدة.
- يجب أن يكون لكل مشروع مالك– وهذا ضروري جداً. ولابد من وجود شخص ما تكون مسؤوليته تسليم المشروع، ويجب أن يكون مسؤولاً عن تنفيذ نطاق العمل وتسليمه، ويجب أن يكون لديه الصلاحية اللازمة لإنجاز كل هذه المهام، ولا يمكنك تنفيذ المشروع ما لم تكن لديك هذه الأشياء الثلاثة.
- توقف عن تشغيل المشروعات التشغيلية التي تتداخل مع خطتك الاستراتيجية، والعكس بالعكس – فأنت بحاجة إلى أن تحافظ على التركيز في خطتك الاستراتيجية، هذا يعني أنك بحاجة إلى تجنب السماح للمشاريع والأنشطة التشغيلية بالانتقال إلى خطتك، حيث إنها ستخفف من تركيزك وتؤثر على تنفيذ مشاريعك الاستراتيجية، وبالمثل، تحتاج إلى منع المشروعات التي يجب أن تكون مدرجة في الخطة الاستراتيجية، ومخطط لها وفقاً للأهداف، من الانزلاق إلى الخطة التشغيلية فتصبح غير مرئية عند تتبع وقياس التقدم الذي تحرزه.
- تأكد من أنك تتابع أعمالك بشكل جيد
- قم بإدارة مشاريعك بطريقة استراتيجية – كل هدف لديه توليفة خاصة من المشاريع، ثم هناك مزيج من المشاريع عبر الخطة الاستراتيجية بأكملها (وفي الخطط الأكبر، ستنشغل بالتفكير فيما يتعلق بتوليفة المشاريع داخل مجالات العمل المختلفة، والإدارات، إلخ..). لكن على أية حال لا تغفل عن الصورة الأكبر – بنفس الطريقة التي تؤكد بها عملية الإدارة الاستراتيجية الشاملة على عملية حوكمة عبر تنفيذ الاستراتيجية بكاملها، ونفس الشيء ينطبق على القيام بإدارة توليفة المشاريع المضمنة في محفظة المشاريع بطريقة استراتيجية.
- حدد أولويات المشاريع التي لديك في المحفظة بشكل استراتيجي – سيحدث التغيير، ويمكنك ضمان ذلك، وطريقتك في التعاطي مع هذا التغيير ستؤثر بالضرورة في تنفيذ خطتك – عندما تتغير البيئة الداخلية أو الخارجية والموارد المتاحة والاحتياجات الاستراتيجية وما إلى ذلك، فإنك تحتاج إلى إعطاء الأولوية للمشروعات بشكل استراتيجي عبر الخطة بأكملها، بناءً على احتياجات الأهداف.
- اسمح للمشاريع والأهداف بالتواصل مع بعضها البعض – لابد للخطة الاستراتيجية أن تكون بمثابة كائن حي يعيش ويتنفس، في بعض الأحيان، ستكون هذه التغييرات من الأعلى إلى الأسفل مدفوعة بالتحسينات فيما تريد تحقيقه (أو كيف تريد إعطاء الأولوية للأهداف)، ولكن يجب أن تتيح مجالًا لواقع تنفيذ المشروع، وما تتعلمه من تنفيذ المشروع فعلياً – حتى ينعكس في خطة المستوى الأعلى – حتى لو كانت فقط عن طريق الحفاظ على الجداول الزمنية للهدف دقيقة ومستمرة. وكلما أصبحت مشاريعك معزولة عن بقية الخطة، كلما أصبحت خطتك أقل واقعية.
الإدارة الاستراتيجية لتوليفة المشاريع الخاصة بك، ومنهج إدارة المحافظ/البرنامج
عنصر “إدارة المشاريع الاستراتيجية” يرتبط بتصميم وإدارة توليفة المشاريع المناسبة لتحقيق أهدافك، وبالتالي تحقيق الخطة الاستراتيجية، وهذا يرتبط بشكل مطلق بمجالات إدارة المحافظ والبرامج – واعتمادًا على الهيكل التنظيمي والممارسات الخاصة بك، يعد هذا النوع من إدارة مزيج المشاريع جزءًا لا يتجزأ من عملية إدارة المحافظ والبرامج الخاصة بك، نحن لا نقدم مفهومًا موازياً أو بديلًا، بل هي ببساطة إحدى الوظائف الرئيسية التي يجب القيام بها كجزء من هذه العملية.
أهمية إدارة الأداء الاستراتيجي لخطتك الاستراتيجية
أشرنا إلى أهمية اتخاذ وجهة نظر استراتيجية لبناء توليفة المشاريع الخاصة بك، لتحقيق أهدافك على أفضل وجه عبر خطتك الاستراتيجية بأكملها، كما بينا أهمية ذلك كجزء أساسي من اتباع منهجية إدارة المشاريع الاستراتيجية.
لو كانت لديك الجدية لاتخاذ وجهة نظر استراتيجية حول توليفة مشاريعك، فإن هذا سيساعدك على إدارة ومواءمة ومساهمة المشروعات في تحقيق الأهداف، وما هي توليفة المشاريع عبر أجزاء مختلفة من خطتك الاستراتيجية (وعبر الخطة بأكملها)، ومن ثم يمكنك تتبع توليفة المشاريع وتحسينها بمرور الوقت، ستحتاج إلى الحفاظ على استراتيجيتك في نظام أساسي يمكنه التعامل مع كل ذلك.
المصدر: www.executestrategy.net
%MCEPASTEBIN%