يجري الخلط بين مفهوم الأزمة وغيرها من المصطلحات مثل : الحدث Incident ؛ والذي يعني شيء حدث وانقضى أثره، وهو خلل في مكون أو وحدة أو نظام فرعي من نظام أكبر، والحادث Accident ؛ وهو خلل يؤثر تأثيراً ماديا على النظام بأكمله، والتعارض Conflict ؛ وهو حدوث شيء يترتب عليه تعرض الهيكل المعنوي للنظام للخلل أو الاضطراب، ولكن ليس بدرجة تصل إلى تحدي الافتراضات الأساسية التي يقوم عليها النظام .
أما مفهوم الأزمة Crisis ؛ فهو عبارة عن خلل يؤثر تأثيرًا ماديا على النظام كله، كما أنه يهدد الافتراضات الرئيسية التي يقوم عليها هذا النظام
وقد أجمع بعض المختصين في إدارة الأزمات بوصف الأزمة على أنها :
- تقع فجأة دون توقع ، أو يكون توقعه قد تم قبل وقوعه بفترة قصيرة جداً ، بما لا يسمح باتخاذ الإجراء المناسب لمواجهته .
- تتسبب فى انهيار النظام أو تهديد أهدافه .
- تتسبب فى وقوع خسائر مالية أو بشرية أو نفسية .
- تؤدي إلى خلق مشكلات جديدة لا يمتلك الفرد أو الجماعة أو الإدارة أو المجتمع حسب مستوي ونوع الأزمة الخبرة الكافية لمواجهتها ، و ربما كانت الخبرة غير كافية.
ولذلك نجد أن للأزمة 3 أبعاد، هي :
البعد الأول : الأزمة تهدد النشاط الكلي لكامل المنظمة .
البعد الثاني : قد تؤدي الأزمة الكبرى إلى زعزعة المنظمة .
البعد الثالث : تؤدي الأزمة إلى إحداث تأثير على حياة الأفراد.
وهناك نوعان من القادة/المدراء الذي يتعاملون مع الأزمات (المتأثر والمستعد) :
- المتأثرون بالأزمات
إن انتهاج الاساليب الدفاعية المتمثلة في المقولة : “هذه الأزمة لا عهد لأحد بمثلها” ، وتتخلص المأساة هنا في أن الأساليب الدفاعية تؤدي إلى مزيد من الأزمات ، وكلما أمعن المديرون في استخدام الأساليب الدفاعية كلما زاد تعقد الأزمة؛ ويتصف هؤلاء المتأثرون بالأزمات :
- ليس لديهم معلومات كافية عن الأزمات والكوارث التي تعرضت لها المنظمات الأخرى .
- ليس لديهم القدرة على التفكير في أن تتعرض منظماتهم لنفس هذه الأزمات والكوارث.
- يحاولون حماية أنفسهم و المنظمة التي ينتمون إليها بطريقة خاطئة.
- يروا أن مجرد ذكر الأزمات الماضية التي تعرضت لها المنظمة يعد إفشاء لأسرارها.
- يروا أن تحديد المخاطر التي تتعرض لها المنظمة يعني صراحة أن المنظمة لديها نقائص و عيوب.
أما الافراد المتأثرين في المنظمات المتأزمة فعادة يكون من سماتهم :
- لم يتعرضوا بما فيه الكفاية من الخبرات اللازمة للمواجهة.
- دُفعوا دفعا لموقع المسؤولية دون تهيئة أو تدريب كاف، ويسيطر عليهم فكرة الاستغلال المناسب لعناصر العمل المادية و البشرية و المالية دون أية قيد
- لا يعترفون بأي خطأ و ليس هناك ضرورة لإحداث تغيير من وجهة نظرهم
- غير قادرين على الإحساس بالغير
- ليس لديهم القدرة على المشاركة في إدارة الأزمات لانهماكهم في إدارة أزماتهم الشخصية المتمثلة في شعورهم بالإحباط و الاكتئاب.
2. المستعدون للأزمات
- لديهم قدرة على تحمل المسؤولية تجاه أنفسهم و العاملين بالمنظمة و المجتمع المحلي و البيئة المجاورة .
- مفهوم المسئولية لديهم يعني أن الأفراد داخل و خارج المنظمة هم الذين يشعرون و يفكرون و يتصرفون .
- هم الذين يصنعون القرارات.
- لهم الحرية في الاختيار و إذا عايشوا واقعاً معيناً فهم راضون عنه.
- أمور يجب أن يراعيها المديرون عند تحديد طبيعة الأزمات
- أن الأزمات مثل أي مرض خطير يصيب جسد الإنسان ويحتاج لأساليب جراحية فعالة وقوية لتصحيح الموقف، فعمليات المواجهة السطحية وتسكين الآلام لا تقضي علي جذور الأزمة .
- الشخص الذي يتولى موقف قيادة الأزمة عليه أن يؤمن بالقول ” إذا لم تستطع إشعال الموقد فعليك أن تخرج فوراً من المطبخ ” .
- لا توجد أزمتان متشابهتان تماماً ، فكل أزمة لها طبيعة خاصة بها و نتائج وطرق علاج تختلف عن الأخرى ، لذلك فإن عملية التشخيص والتحديد الواضح للأزمات تعد من أخطر وأهم العمليات في الإدارة الناجحة للأزمات.
- بعض الأزمات تأخذ وقتاً طويلاً حتى تظهر ، ولكن البعض الآخر ينفجر فجأة بدون سابق إنذار.
- بغض النظر عن مكان حدوث الأزمة في المنظمة فإن الأزمات عادة ما تكو ن ذات تأثير شديد ومنتشر في المنظمة
- لا يجب النظر لجميع المواقف التي يحدث فيها نوعاً من الضغط على أنها أزمات فعلى سبيل المثال عندما تواجه المنظمة حالة من المنافسة الشديدة في السوق تصبح المنظمة في حالة ضغط ولكن مثل هذا الضغط لا يجب النظر إليه أو التعامل معه على أنه يمثل أزمة.
- أن حل أزمة معينة لا يعني تقديم ضمانات أو تأمين بعدم تكرار مثل هذا النوع من الأزمات في المستقبل فالأزمة يمكن أن تتكرر وتحدث في أي وقت
- تميل العديد من الظروف البيئية والتنظيمية والتي لا تبدو في طبيعتها مالية لأنها تأخذ شكل الضغوط المالية في الأزمات ومن هنا تظهر أهمية التشخيص في إدار ة الأزمات
- لا يجب النظر دائماً إلي الأزمة علي أنها تهديد للبقاء فبعض المنظمات خرجت من الأزمات اكثر قوة ، فالأزمات يمكن ان تكون خبرة إيجابية لدي المنظمة فالإدارة الناجحة للأزمات تستطيع ان تزيد من حساسية المديرين لتحديد مواطن القوي وا لضعف في النظام الحالي.
الإدارة الفعالة في المواقف الطارئة
ليست بالضرورة أن تكون كل المواقف الطارئة “ أزمات أو كوارث “ و لكن هناك مواقف طارئة هي مكاسب أو فرص مواتية، ولو تركت هذه المواقف بدون قرار حكيم انقلبت إلى أزمة أو كارثة ، أو على الأقل ضاعت معها المكاسب و أصبحت خسائر و ذهبت معها الفرص و أصبحت فرصا ضائعة، و يتوقف هذا أو ذاك على مهارة الإدارة و قدرتها على المواجهة و التصدي فى الوقت الملائم للموقف ، و حساب المكاسب و الخسائر المترتبة على كل موقف و غيرها من المخاطر.
والإدارة الممتازة هي التي تستطيع التوافق بين ثلاث متغيرات هي : التكلفة المناسبة Suitable Cost، و الوقت الملائم Agreeable time ، الأداء الجيد Good Performance ، ولذلك تحتاج المنظمات الى بناء ثقافة للتعامل مع الأزمات :
- تقدير المخاطر والاعداد للازمات
- حصر تاريخي ومسح جغرافي واستقصائي للازمات المحتملة
- تحليل تنظيمي للهيكل الاداري والية تقسيم العمل
- التقييم (التقويم) باستمرار
خصائص عملية الاستعداد لمواجهة الأزمة
يجب على القائمين على المنظمة التأكد من عملية الاستعداد لمواجهة الأزمة، وفق المحاور التالية :
- وجود خطط الطوارئ والكوارث ومدى كفايتها لإدارة الأزمات
- وجود السياسات و النظم و الإجراءات الخاصة بإدارة الأزمات
- التأكد من مدى قدرة المنظمة على المواجهة السريعة وتقييم عملية الاستعداد بشكل دوري
- مدي إدراك و تفهم المديرين لاحتمال وقوع الأزمة
- مدى إدراك المديرين لمجهودات واستخدامات موارد إدارة الأزمة
- قدرة المنظمة على التعامل مع وسائل الإعلام أثناء الأزمة
- تحديد و تقييم المخاطر
- تحديد الإمكانيات و الموارد المتاحة وتدريب الأفراد والمجموعات بشكل مستمر .
مبادئ عامة يجب أن يراعيها القائمين على إدارة الأزمات
- إن إدارة الأزمات تقع تحت عباءة الادارة الاستراتيجية في المنظمة ولا يقصد بذلك أن الأزمات تهدد الأهداف الاستراتيجية في المنظمة وإن كانت هذه هي وجهة النظر التقليدية.
- يجب أن نفهم كذلك أن الاستراتيجية والتخطيط الاستراتيجي الذي تقوم به المنظمة من شأنه هو أيضاً أن يؤثر علي الأزمات سواء في حدوثها أو عند التعامل معها .
- يجب بناء قدرات المنظمة لمواجهة الأزمات والكوارث وأن يتم عمل التأهيل والتدريب الكافيان من الناحية البدنية والنفسية لمديري الأزمات لمواجهة الأعباء التي سوف تطرحها الأزمة عند حدوثها .
- إن إدارة الأزمات تقوم علي أساس التنبؤ بالأزمات المستقبلية واكتشاف إشارات الإنذار السابقة لحدوث الأزمة واستبعاد عبارة (إن ذلك لا يمكن أن يحدث لنا)، وان غياب الثقافة الوقائية الشاملة تؤدي الى أزمة ونكسة .
- القدرة علي عمل توازن بين السرعة في اتخاذ القرارات وملاءمة القرارات لجميع جوانب الموقف، فالقرارات السريعة وغير الملاءمة قد تكون أسوأ من عدم اتخاذ أي قرار مطلقاً.
- الاعتقاد بأن النجاح لا يولد أزمات يمكن أن يؤدي مثل هذا الاعتقاد إلي خلق نوع الرضا وبيئة لا تلقي أي اهتمام لإشارات الإنذار المبكر عن الأزمات، .فالمنظمات عادة تأخذ وقتاً أطول في ظل فترات الرواج لكي تدرك أن هناك أزمة .
- الأزمات مثل النار يمكن أن تحرق كل أو جزء من المنظمة ويصبح الهدف الأساسي هو إطفاء تلك النيران . لذلك فإن مواجهة الأزمة تتم علي جانبين ، الأول من أجل التحكم في الأزمة ( اتجاه قصير الأجل ) ، والثاني من أجل إزالة جذور الأزمة ( اتجاه طويل الأجل ).
- يجب أن يقتنع المديرين القائمين علي مواجهة الأزمات أن القضاء علي الأزمات عبارة يسهل قولها ولكن يصعب فعلها، فالإدارة الناجحة هي القادرة على القضاء على الأزمة بحد أدنى من الخسائر حتى لا ينطبق عليهم قول العائد من الحرب ( لقد فزنا في الحرب ولكن إبني لم يرجع معي )
- حتى يستطيع متخذ القرارات كبح جماح الأزمات يجب عليهم مقاومة عمليات الإنكار لوجود الأزمات، فالإنكار يمثل عادة رد الفعل الأول للأزمات والذي من شأنه أن يزيد الموقف خطورة.
- ضرورة البعد عن ردود الأفعال الدفاعية والبحث عن المصادر الداخلية والخارجية والتي تستطيع أن تعطي وجهات نظر بناءه وموضوعية . فهذا هو وقت الحاجة لأعين وأذان مفتوحة.
- ضرورة إعادة النظر في الافتراضات الأساسية التي تقوم عليها المنظمة الفترة . فالافتراضات غير الدقيقة أو غير الواقعية حول البيئة الداخلية والخارجية يمكن أن تكون سبباً لإطلاق سلسلة من الأزمات.
- يجب أن يتم تقييم الأداء في التعامل مع الأزمة بعد انتهاء الأزمة مباشرة حيث تكون الأحداث لازالت عالقة في الأذهان.
- التأكد من وجود خطط كافية لمواجهة الأزمات في المستقبل ، فالمنظمة التي ليس لديها هذا الاستعداد تصبح كقلعة من الرمال علي شاطئ البحر تضربها الأمواج من كل مكان.
* تلخيص لورقة عن «فن إدارة الأزمات» للدكتور عبدالقادر محمد عبدالقادر