«صفات الله ﷻ الذي ليس كمثله شيء»

  • — السبت يونيو 24, 2023

لله -عز وجل- الأسماء الحسنى، وله سبحانه وتعالى، كذلك الصفات العلى، وعدد صفات الله لا يكاد يحصى، لأن الصفات أوسع وأشمل من الأسماء، فكل اسم صفة، أو يتضمن صفة، وليس كل صفة اسم. فيقال مثلاً: إن اسم الله العزيز يتضمن صفة العزة، ولكن لا يقال إن صفة فرح الله بتوبة عبده تشير إلى اسم الفارح، فليس من أسمائه سبحانه الفارح.

وقد استفاض العلماء في كتب كثيرة ذكر الصفات والايمان بها وإيراد أدلتها المختلفة من القرآن والسنة. وسنحاول في هذه المقالة الحديث بشكل مبسط عن صفات الله -عز وجل- والتي تنقسم إلى قسمين:

صفات ذات، وصفات فعل؛ وضابط صفات الذات أنها هي التي لا تنفك عن الله ﷻ، بل هي لازمة له سبحانه، وضابط صفات الفعل أنها تتعلق بمشيئة الله وقدرته جل شأنه.

ومن صفات الذات : الحياة والقدرة والمشيئة والإرادة، والسمع والبصر، والوجه، واليد، والكلام، والملك، والعظمة والكبرياء والغنى والرحمة والحكمة والقوة والعزة والجبروت والخبرة والوحدانية والجلال وما إلى ذلك مما تضمنته أسماء الله الحسنى.

ومن صفات الفعل : الاستواء، والقرب، والنزول، والمجيء، والإتيان والضحك، والفرح، والعجب، والرضى، والحب، والكره، والغضب، والأسف، والسخط، والغيرة، والهرولة، وكلها على ما يليق بجلاله وعظمته، ويقال لها قديمة النوع حادثة الأحاد، ويصلح أن يقال قبلها: إذا شاء.

وهناك صفات منفية عن الله ﷻ، وهي: النوم، التعب، اللغوب، الظلم، الصاحبة، الولد، الحاجة إلى الطعام والشراب، الند، الكفؤ، المثيل.

والقواعد محددة للإيمان بالصفات، يمكن تلخصها فما يلي :

  1. يجب الإيمان بما وصف الله تعالى به نفسه في كتابه، ووصفه به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأسماء الحسنى، والصفات العلى، وإمرارها كما جاءت بلا كيف.
  2. الإيمان بأن هذه الصفات حقيقية يتصف الله بها حقيقة لا مجازاً، وينبغي أن يتنبه المسلم إلى أن إثبات هذه الصفات لله عزوجل ليس معناه تشبيه الله عز وجل بخلقه، تعالى الله عن ذلك علوا كبيراً، بل الواجب أن نثبت هذه الصفات، وقد تقرر في قلوبنا عند كل صفة أن ليس كمثله شيء، والذين نفوا صفات الله، التي وصف بها نفسه هم مشبهة ومعطلة في الوقت نفسه، فإن هذه الصفات لما وقعت في قلوبهم تشبه صفات المخلوقين لجأوا إلى نفيها فكانوا معطلة، أمّا الصحابة، ومن نهج منهجهم فهم يثبتون الصفات لله عز وجل، والتنزيه موجود في قلوبهم.
  3. لا يجوز تأويل الصفات بمعنى صرفها عن ظاهرها، كالذين يقولون، استوى بمعنى استولى، أو بمعنى علو المكانة والقدر، أو بمعنى ظهور نور العرش، وإنما استوى أي استوى على العرش كما ذكر الله عزوجل، دون تأويل ذلك، وإنما هو معنى حقيقي يليق بجلال الله وكماله، لأن إثبات الذات إثبات وجود لا كيفية فكذلك إثبات الصفات إثبات وجود لا كيفية، ولذا قال الإمام مالك -رحمه الله- عندما سئل عن كيفية استواء الله على عرشه، الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والسؤال عنه بدعة. وقال الطحاوي: “لا تبلغه الأوهام، ولا تدركه الأفهام، ولا يشبهه الأنام “.
  4. التفصيل في الإثبات والإجمال في النفي، حيث وصف الله نفسه في كتابه بصفات علية، فهو بكل شيء عليم، وعلى كل شيء قدير، عزيز حكيم، حي قيوم، يحب المتقين والمحسنين والصابرين، ولا يرضى لعباده الكفر، يغضب على الكافرين ويلعنهم، يصعد إليه الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه، هذا كله في الإثبات” أمّا النفي، أي الصفات السلبية لله تعالى، فالله يجمل فيها ولا يفصل، فقد نفى عن نفسه أشياء على سبيل الإجمال، (كما ذكرناه سابقاً).

الخلاصة

إن الله وصف نفسه بصفات، وسمى نفسه بأسماء ولم ينه عن وصفه وتسميته بها، ولم يأمر بتأويلها، أو حملها على غير ظاهرها، وقد أقر السلف من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة -رضي الله عنهم أجمعين- بصفات الله تعالى، ولم يأولوها، أو يردوها، أو يخرجوها عن ظاهرها، بل كانوا يؤمنون بمدلولها، ويحملونها على ظاهرها، وهم يعلمون أن صفات الله تعالى ليست كصفات المخلوقين، وكان الإمام الشافعي -رحمه الله- يقول:” آمنت بالله، وبما جاء عن الله، على مراد الله، وآمنت برسول الله، وبما جاء عن رسول الله على مراد رسول الله “.
والإمام أحمد -رحمه الله- كان يقول في صفات الله: ” نؤمن بها، ونصدق بها، لا بكيف ولا معنى، بل نفوض الأمر في علم ذلك إلى الله قائله وموحيه إلى نبيه ﷺ، ولا نرد على رسول الله، ولا نصف الله تعالى بأكثر مما وصف به نفسه، ووصفه به رسوله، بلا حد ولا غاية، ونحن نعلم أن الله {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ} وأنه {لاَ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ وَهُوَ يُدْرِكُ الأَبْصَارَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}.

هذا والله هو تعالى الأعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه.