ما التخطيط؟ *

  • — الثلاثاء نوفمبر 05, 2013

يعرف البعض التخطيط على انه نوع من “ارتكاب الخطأ على الورق” قبل الشروع في التنفيذ، وتحديد المسار من مرحلة إلى أخرى، وفي الطريق إلى الهدف هناك منعطفات وطرق جانبية متعددة، فإذا لم يتم ضبط وتسديد اتجاه المسيرة، فقد لا نصل إلى الهدف، أو قد نصل لغير الذي كنا نقصده؛ وكما يقال ” من يفشل في التخطيط هو في الواقع يخطّط للفشل”.

إن عملية التخطيط – مع الرقابة والسيطرة – تتيح لنا المحافظة على السير في الاتجاه والمسار الصحيح، وفيما يلي اهم ما يمكن معرفته للقيام بعملية تخطيط ناجعة:

أولاً : عملية التخطيط

تتسم عملية التخطيط بأنها عملية متتالية ومتداخلة، وتفقد معناها إذا ما اختل هذا التتابع أو انعكس اتجاه سير العمل، ويوضح الشكل التالي أنه بالإمكان البدء بعملية التخطيط من أي نقطة في المثلث :

ما التخطيط ؟

والتخطيط هو عملية تجميع للمعلومات، وافتراض توقعات في المستقبل من اجل صياغة النشاطات اللازمة لتحقيق الأهداف. وهو يضمن ارتباط النشاط بالأهداف وذلك بتوجيه الجهود نحو الوصول إلي النتائج المرجوة.

كما يبين التخطيط مدي الحاجة إلى التغيير في المستقبل ويضع الأسس الضرورية للضبط والتوجيه فيجنب العمل أي انحراف عن الهدف المحدد له، ويشجع على الإنجاز، ويعين على الشمولية في تصور المشاريع وتنفيذها، كما يضمن الاستخدام الأمثل للإمكانات والموارد .

ثانياً : عناصر التخطيط :

أ – الدوافع :

التخطيط وظيفة من وظائف القيادة سواء فيما يتعلق بالمستقبل القريب أو البعيد . ويعرف التخطيط بعيد المدى الهادف إلى دفع المنظمة نحو غاياتها الاسمي بالتخطيط الاستراتيجي، بينما يعرف التخطيط قصير المدى الهادف إلى تحديد مسار أعمال محددة ذات نتائج قريبه بالتخطيط التكتيكي. وترسم الخطط الإستراتيجية أولويات التنظيم وتوجهاته الأساسية، وهذه الخطط هي نتائج قرارات نظاميه مستقره، اتخذت بقدر كبير من المعرفة والدراسة لنتائجها المستقبلية والإعداد والتمحيص، آخذة في الاعتبار العوامل والظروف الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. أما الخطط التكتيكية فتختص بنشاطات أو مشاريع محددة لا يزيد مداها عن سنة إلى ثلاث سنوات، بينما يمتد مدى عمل الخطط الإستراتيجية عادة إلى ما يزيد عن خمس إلى عشرات السنين .

ب – الوقت :

التخطيط مرتبط بالوقت ودالة فيه؛ لأنه يترتب على قرارات للتحرك، الذي يؤدي إلى نتائج محددة في المستقبل، ويمكن للمرء أن يخطط على مدى شهر أو سنة أو عقد كامل من الزمن، إلا أنه كلما طالت مدة الخطة كان الجهد المطلوب للتخطيط اكبر، وتمثل خطة أي عمل سلسلة من النشاطات الواجب القيام بها لتحقيق هدف معين .

ج – السلطة :

التخطيط مظهر من مظاهر السلطة، وعلى المُخطط أن يضع الخطط للمنظمة كلها، ولكل قسم من أقسامها علي حدة، مع تحقيق التنسيق الكامل بينها، وتتم مهمة التخطيط في المنظمة بطريقتين: الأولى : من القمة إلى القاعدة : إذ يحدد الفهم الجيد لرسالة المنظمة إطار أولويات التخطيط، ويتم توصيل هذه المعلومات لجميع الإدارات والوحدات للاستعانة بها على تحديد مسار العمل. والثانية : من القاعدة إلى القمة : حيث يحدد الفهم الواضح لاحتياجات الأعضاء وأدوارهم، أنواع النشطات والمهام المناسبة على مستوى القاعدة، وتتم بلورة ذلك في خطة أساسيه ترفع إلى القيادة المركزية ثم تدرج جميع الخطط الأساسية في خطه مركزيه واحدة.

ثالثاً : التخطيط من خلال مبدأ (الإدارة بالأهداف ) :

إن طريقة ” الإدارة بأهداف ” هي – بكل بساطه – تدور حول (من) سيقوم بـ (ماذا) و (كيف) و (متى)، ويشتمل على أربع خطوات أساسيه هي:

أ‌- الإعداد والتجهيز : على المنظمة القيام بالخطوات التالية خلال هذه المرحلة :

  1. بيان الأهداف بأقصى قدر ممكن من الوضوح والتحديد وتجنب العموميات.
  2. جمع الحقائق والمعلومات والآراء والخبرات والتجارب التي لها اثر على الأهداف.
  3. التشاور مع كل من له علاقة بوضع الخطة أو تنفيذها بشكل مباشر أو غير مباشر والتشاور أيضا مع ذوي الاختصاص ممن ليست لهم علاقة بالخطة.

ب‌- اتخاذ القرار : علي المنظمة في هذه المرحلة اتخاذ مايلي :

  1. تحليل جميع المعلومات ووضع التصورات الممكنة بكافة نتائجها المحتملة دون التقيد بالمحددات المالية أو غيرها في هذه المرحلة.
  2. تطوير مسارات بديله للعمل يؤدي كل منها إلى تحقيق الأهداف المنشودة.
  3. تقويم البدائل المطروحة، واختيار أفضلها، ودراسة مدى توافر المـوارد (الحالية والممكنة)، والفوائد التي ستعود على المجتمع (أقصاها و أدومها)، والإطار الزمني (المتوقف على المحددات البيئية).
  4. وضع معايير وقياسات واقعية ومجديه وقابله للتطبيق.

ج- الاتصال ( إبلاغ من يعنيه القرار) : تتم عملية الاتصال في إطار عملية التخطيط بعد إقرار خطة محدده نهائية، وذلك وفق الخطوات التالية :

  1. حدد بالضبط كل من ستكون له صله قريبه أو بعيده بالخطة، والاستفادة من المعلومات التي يتم جمعها حول الجمهور المعني بالخطة.
  2. اختر ونفذ أفضل الطرق لتبليغ المعنيين بالخطة.
  3. تأكد من فهم كل من له علاقة بالموضوع للخطة، وقبوله لها، مع السماح بشيء من المرونة في تنفيذ مهامهم المختلفة.

د- التحكم والضبط : تضم هذه المرحلة من عملية التخطيط مايلي :

  1. تحديد نقاط ومعالم تُعين على تقويم برامج العمل من حين لآخر، والاطمئنان على سلامة سير العمل في الاتجاه المؤدي إلى الأهداف المنشودة.
  2. مقارنة النتائج الفعلية بالنتائج المتوقعة، مع تمييز الأخطاء المترتبة على العوامل الطبيعية التي لا يمكن التحكم فيها وتلك الناتجة عن التنفيذ المعوج للخطة.
  3. اتخاذ الإجراءات التصحيحية كلما دعت الضرورة، بما في ذلك إعادة تحديد الأهداف إذا ثبت عدم جدوها، أو تغييرها إذا أصبحت غير ممكنة التحقيق، أو تغيير الخطة بكاملها إذا كانت هناك دواع لذلك، حيث إن تصحيح الأخطاء أفضل من الكوارث التي يمكن أن ينتهي إليها العمل.

رابعاً : فعالية التخطيط

عندما تتم صياغة خطة العمل مسبقاً عن وعي وبصيرة والتزام تصبح مؤهلة لان تحدد مسار العمل كله طوال العام. كما تحد من ضرورة اللجوء إلى أسلوب ( التخطيط من خلال الأزمات)المهدر للوقت والموارد البشرية والمالية.

ولتحقيق النتائج المرجوة يجب أن تخضع الخطة لمتابعة وتقويم لمدى تطابقها مع الغايات الكبرى مرة كل ثلاث أشهر. وفيما يلي أفكار مفيدة للتخطيط الفعّال :

  1. الخطط التي تنفذ فعلاً هي التي يشارك في إعدادها أفراد مسئولون عن تنفيذها.
  2. يجب أن يكون لدي جميع المساهمين في التخطيط قدر من الفهم المشترك، ونظرة موحدة للحاضر والمستقبل.
  3. إن مستوي الأداء لدي المخططين يكون أفضل إذا ما اهتموا بالقضايا الإستراتيجية ، وركزوا علي جواهر الأمور (ماذا) أكثر من تركيزهم علي شكلياتها (كيف).
  4. ينفر أغلبية الناس من التخطيط، لانه يوجد التزاماً ينبغي الوفاء به، ولهذا فعلى مسئول التخطيط أن يؤجل تحديد مهام تحقيق الأهداف المستقبلية حتى يكون لدى مجموعة التخطيط الحماسة الكافية للعمل.
  5. حيث انه لا يمكن تطبيق سوي عدد محدود من البرامج في آن واحد، فمن المهم تحديد الأهداف الأساسية وإعداد القدر المناسب من الخطط لتحقيقها.
  6. رغم فوائد التخطيط الكبرى، إلا أنه كثيراً ما يتعرض إلى الإهمال بسبب ما يتطلبه من جهد ذهني ودأب وتفكير.
  7. للإستفادة القصوى من التخطيط تذكر دائماً مثلث ( خطط – نفذ – قوم أو راجع ).
  8. يجب وضع الخطط في الإطار الذي تسمح به المحددات الزمنية والبشرية والمالية.

خامساً : خطة العمل السنوية :

خطة العمل هي وثيقة ترسم مسار المنظمة خلال فترة معينة. وتقع مسؤولية إعداد هذه الوثيقة في إطار هيكل تنظيمي له لجنه دائمة تقوم بالتشاور مع رئيس اللجنة التنفيذية الذي يتحمل المسؤولية النهائية عن إعداد خطة ناجحة وتقديمها للجنة التنفيذية للموافقة عليها ثم التأكد من تنفيذها.

واهم عنصر في خطة العمل هو تحديد مواعيد بداية كل نشاط في الخطة ونهايته، ويمكن تحديد ذلك بتقدير الفترة الزمنية المطلوبة لكل نشاط وتحديد دوره في خطة الوحدة، ومن ثم تعين موقعة في الجدول الزمني، وينبغي أن تأخذ هذه العملية في الحسبان مدي توافر العنصر البشري والمعدات المطلوبة، وتحديد المعالم الرئيسة في تحقيق كل نشاط من أنشطة الخطة، كما يجب إعداد مسودة نهائية للخطة علي أساس تكامل خطط الإدارات والوحدات وعلي كل مسئول إعداد خطة للإدارة آخذاً في الاعتبار الخطط الميدانية.

يأتي بعد ذلك دور منسق التخطيط كي يحقق التكامل المطلوب بين جميع هذه الخطط من اجل إعداد المسودة النهائية للخطة. وتعتمد الخطة بعد مراجعتها وموافقته اعلي جهاز مسئول في المنظمة وتصبح هي الخطة السنوية الرسمية.

سادساً : الأهداف :

وهي العملية الأساسية للتخطيط، أي أن التخطيط موجة نحو تحقيق الأهداف. فإذا كانت الأهداف غامضة أو غير معروفة، فلن يتمكن التخطيط مهما كان حجمه من الوصول إلى تحقيقها. كما ان توثيق الأهداف ليس مجرد واجب روتيني، بل هو عامل أساسي للنجاح. وفيمايلي بعض التساؤلات تساعد على تحديد الأهداف :

هل توضح الأهداف الأمور التالية :

  1. الهدف من إنشاء المنظمة بشكل محدد وواضح ؟
  2. هل يمكن قياس الهدف؟
  3. ما هو العمل المطلوب القيام به؟
  4. ما الذي سيحققه الوصول إلى الهدف؟
  5. من يتحمل مسؤولية العمل؟
  6. متى ينبغي القيام به؟
  7. ما هو المنهج الذي يمكن به تحقيق الهدف؟
  8. ما هي تفصيلات الموارد اللازمة لتحقيق الهدف؟
  9. من يتولى التنسيق والمتابعة بين جوانب الخطة؟

10. ما معايير تقويم الإنجاز؟

ختاماً : هل الأولوية للعمل أم للعلاقات الشخصية ؟

يبدي الناس عموما نوعين من السلوك تجاه التخطيط، حيث يركز البعض على الأهداف والعمل من أجلها بغض النظر عن الأشخاص، ويعطى الآخر الأولوية للعلاقات الشخصية وإرضاء الناس أكثر من تحقيق الأهداف، والأسلوب المثالي هو تحقيق الأهداف وإرضاء الأفراد في الوقت نفسه، لكن تنفيذ ذلك أمر عسير المنال ومن النادر تحقيقه على المدى القصير. وهنا تبرز الحاجة إلى الحكمة الجماعية التي تنشأ من خلال التشاور الجماعي لتحقيق الاعتدال في العمل والوصول إلى تحقيق الأهداف مع المحافظة على العلاقات الجيدة بين الأفراد، وعليه فإن التفاني في العمل والإحساس بالإنتماء شرط أساسي لتحقيق ذلك بالإضافة إلى حكمة كل من لديهم خبرة و دراية في مجال العمل.

هذا والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبة وسلم.


*[ورقة قدمتها لأحد المنتديات الخاصة في عام ١٤٢٢-٢٠١٣]