مع أن وجود “الاستراتيجيات” أمر لا غنى عنه لأي منظمة لتحقيق الرؤى والتطلعات، إلا أن ذلك ليس الجزء الوحيد الذي يضمن النجاح في تحقيق ذلك؛ فقد تبدو الاستراتيجية رائعة تنظيريا -في العروض التقديمية- لكن عند البدء في تنفيذها على أرض الواقع يكون أمر أكثر صعوبة، بسبب إغفال أدوات التخطيط التنفيذي ومعرفة العقبات التي قد تعوق عملية التنفيذ، وكيفية التغلب عليها.
يوضح الجدول التالي -على نحو مبسط- أبرز عناصر التخطيط التنفيذي للاستراتيجيات والتي تصبح عقبات ومشكلات تعوق التنفيذ إن لم تراع:
عناصر/عقبات | التوضيح |
---|---|
1- استراتيجية غير واقعية أو غير مناسبة للمنظمة | يؤدي عدم التقييم الواقعي لوضع المنظمة في أثناء عملية التخطيط الاستراتيجي إلى وضع استراتيجية غير قابلة للتطبيق، مما يؤدي في النهاية إلى الفشل في تنفيذها. |
2- التخطيط وفقًا لتسلسل معين | يتمثل أحد أصعب التحديات التي تعوق تنفيذ الاستراتيجيات في تحديد الأولويات، والتوقيت، وتسلسل العمليات على نحو صحيح، والموارد المطلوبة لتنفيذ كل خطوة في الخطة بنجاح. وقد يؤدي عدم تحديد ترتيب هذه الخطوات اللازمة لإنجاح الاستراتيجية وفقًا لأهميتها إلى فشل العملية كلها، ولذلك يجب معرفة تأثير كل خطوة من الخطوات، مما يساعد على تحديد أي العمليات التي تحقق أعلى عائد، وأي الخطوات التي قد تؤثر سلبًا في تحقيق أهداف المنظمة. الأمر الذي سوف يساعد المنظمة على الموازنة بين الأهداف قصيرة الأجل والأهداف طويلة الأجل. |
3- نقص الموارد المالية والبشرية | مع أنها مشكلة شائعة بالنسبة إلى المنظمات التي ليس لديها عدد كبير من الموظفين أو ميزانية كافية، ولذلك تواجه المنظمات هذه المشكلة بدرجات متفاوتة، ومن أجل تجنب هذه المشكلة تحتاج المنظمة إلى تخصيص الموارد بناءً على القيمة التي يضيفها كل عنصر، ثم توزيع الموارد على نحو ملائم من دون هدرها. |
4- التواصل الداخلي بين أعضاء الفريق | يعد العمل الجماعي أمرا لا غنى عنه في أية صناعة لتحقيق الأهداف الشاملة، لذلك فإن التواصل السيئ بين أعضاء الفريق يؤدي حتماً إلى فشل تنفيذ الاستراتيجيات، ولذلك لا بدَّ من خطة تواصل فعالة. |
5- إدارة المخاطر | المخاطر (التهديدات) هي أشياء قد تحدث أو لا تحدث في أثناء عملة تنفيذ الاستراتيجيات، وقد يكون لها آثار سلبية على المنظمة، ويمكن لأي عمل بغض النظر عن حجمه أو مجاله الاستفادة من اعتماد خطة منهجية للتعامل مع التهديدات المحتملة من خلال خطة لإدارة المخاطر وفقاً لسيناريوهات موضوعة بدلاً من النظر إليها كسلسلة من المهام المنفصلة؛ فهي في الواقع عملية تكرارية يجب من خلالها اكتشاف المخاطر الجديدة والحالية وتحليلها وإدارتها ومراقبتها باستمرار. |
6- عدم التعاون بين الشركاء في التخطيط | من المفترض أن يتعاون القادة مع جميع شركائهم عند التخطيط للاستراتيجيات، وقد يؤدي عدم مشاركتهم إلى عدم فهم أهداف الاستراتيجية أو الحاجة إليها من الأساس؛ لذلك قد يتدخل الشركاء على نحو سلبي مما يعيق عملية تنفيذ الاستراتيجيات. |
7- عدم اهتمام القادة بالقدر الكافي | في بعض الأحيان يكتفي القادة بصياغة الاستراتيجيات (الجانب التنظيري)، ثم ينشغلون عن التنفيذ بأمور أخرى خاصة بالمنظمة (العمل اليومي)، حتى يُفقد الاهتمام إجمالا، ويمضي الوقت حتى تتقادم، وتصبح معدوم الجدوى والفائدة. |
8- عدم فعالية (أو ضعف) القيادة التنفيذية | تفشل عملية تنفيذ الاستراتيجيات، بسبب ضعف القيادة التنفيذية، فيكون القادة غير قادرين على تنفيذ القرارات الصعبة التي جرى الاتفاق عليها في الخطة التنفيذية، بالإضافة إلى عدم القدرة على المحاسبة على عدم تنفيذ المستهدفات المتفق عليها، فيؤدي في نهاية الأمر إلى فشل الاستراتيجية وضياع فرص إنجاز التطلعات التي خطط لها. |
9- مقاومة التغيير | كلما كانت التغييرات المطلوبة أكبر زادت مقاومة أعضاء الفريق لتنفيذ الاستراتيجية. ويحدث ذلك على وجه خاص إذا تطلبت الاستراتيجيات إعادة تنظيم قسم أو تغيير المسؤوليات المطلوبة من الموظفين، ويمكن لمقاومة التغيير أن تؤدي إلى فشل تنفيذ الاستراتيجية، لأن الموظفين جزء أساسي من تنفيذها. يمكن حل هذه المشكلة من خلال معالجة العوائق السابقة وإعداد استراتيجية واقعية، والتمتع بالشفافية لإظهار قيمة التغييرات التي سوف تطرأ على المنظمة وأثرها الإيجابي على العاملين (الفريق)، وحينها ستنخفض -إلى حد بعيد- مقاومة الفريق للتغيير، ويرحبون بها، ويكونون سفراء وداعمين لها. |
10- الرقابة التقويمية | أهمية الرقابة التقويمية تأتي قبل اختيار المنظمة لاستراتيجيتها -وأثناءه وبعده-، وتتطلب لنجاحها أن يكون النظام الرقابي المعتمد قادراً على اكتشاف الانحرافات الاستراتيجية المهمة بسرعة حتى تتمكن المنظمة من اعتماد الإجراءات التصحيحية في الوقت المناسب، وكذلك تكون قادرة على تزويد العاملين بالمعلومات اللازمة لتصحيح الأداء، وأن تكون شاملة بحيث تغطي كافة جوانب الأنشطة الحيوية المهمة. |
11- المراجعة الاستراتيجية، واتخاذ الإجراءات التصحيحية | المراجعة الاستراتيجية هي إحدى وسائل قياس أداء المنظمة ككل -أو أداء بعض وحداتها-، وتمارسها الإدارة العليا أو لجان المراجعة أو المديرين، ويقع على عاتقها القيام بالإجراءات التي تؤدي إلى تصحيح الانحرافات المؤثرة في تنفيذ الاستراتيجية ما بين الأداء الفعلي والمعايير والمقاييس الموضوعة (=فحص الاختيار الاستراتيجي) بحيث يجري تغييراً أو تعديل المناسب لعملية التنفيذ. |
ونخلص إلى.. عند اكتمال صياغة الاستراتيجيات يجب أن يتجه اهتمام الإدارات العليا إلى عملية التنفيذ وإمكانية تفاعلها واتساقها مع الأهداف الموضوعة، حيث تعد مرحلة التنفيذ من أهم مراحل الإدارة الاستراتيجية، والتنفيذ غير الفعال للخطط والسياسات يؤدي إلى الفشل في تحقيق التطلعات الاستراتيجية. لذلك فإن أدوات التخطيط التنفيذي التي ذكرناها تساعد -بإذن الله- في التنفيذ السليم والفعال، والتعويض عن أي خلل حدث في إعداد الاستراتيجية حال كانت غير واقعية أو غير مناسبة؛ وتحول استراتيجية المنظمة إلى أفعال ملموسة ذات نتائج لها دلالتها، وإلا انتهت جميع الأنشطة المكونة للاستراتيجية دون جدوى للمنظمة، وتمسي مجرد تنظير مكلف مادياً وإضاعة للوقت والجهد.
والله تعالى أعلم