نفايات الطاقة النووية

  • — الأحد أغسطس 04, 2024

واكب النمو المطّرد في استغلال الطاقة النووية والإشعاع، سواء أكان في توليد الطاقة الكهربائية أم في مجالات حيوية أخرى، كالزراعة والصناعة والطب، تطوراً كبيراً في العلوم والتقنيات النووية، إلاّ أن هذا النمو لم يفلح في إقناع كثيرين بإمكان التحكّم في النواتج والآثار المترتبة على هذه التقنيات.

مستقبل الصناعة النووية يعتمد إلى حد بعيد على مدى قدرة هذه الصناعة على توفّر التقنيات الملائمة لمعالجة وتحييد النفايات المشعة؛ ولا يكاد يخلو أي أسلوب لتوليد الطاقة -كما هو الحال في أية عملية صناعية- من توليد نفايات يجب إيجاد الطرق الملائمة لحماية الإنسان والبيئة من آثارها السلبية، إلاّ أن تلك الأساليب تختلف من حالة إلى أخرى، لا سيما حجم النفايات المتولّدة مع مرور الزمن.

فعلى سبيل المثال توليد ألف ميجاوات من الطاقة الكهربائية يحتاج يومياً إلى (1000) طن من الفحم الحجري، وينتج من هذه العملية انطلاق (300) طن من ثاني أكسيد الكبريت، وخمسة أطنان من الرماد الذي يحتوي على عناصر أخرى مثل: الكلور، والكاديوم، والزرنيخ، والزئبق، والرصاص، بالإضافة إلى بعض العناصر المشعة، وفي المقابل ينتج من توليد الطاقة الكهربائية نفسها في محطة قوى نووية (500) متر مكعب من النفايات في العام.

وتتنوع مصادر النفايات المشعة وفقاً لنوع العمليات التصنيعية التي تنجم عنها تلك النفايات، ومن تلك المصادر:

  1. محطات القوى النووية.
  2. جميع عمليات ومراحل دورة الوقود النووي.
  3. استخراج الخامات النووية، مثل اليورانيوم والثوريوم.
  4. استخدام النظائر المشعة في البحث العلمي، وفي الصناعة والتعدين والزراعة.
  5. الطب النووي بما فيه التشخيص والعلاج.
  6. إنتاج العقاقير والمصادر المشعة.

ومع أن جميع الأنشطة المرتبطة بهذه المصادر يتولّد عنها نفايات، إلاّ أن حجم هذه الأنشطة يختلف من دولة إلى أخرى، ففي حين توجد جميع الأنشطة المذكورة في الدول الصناعية النووية، لا تكاد تخلو دولة نامية من جميع أو معظم الأنشطة الثلاثة الأخيرة.

إن القدرة على التحكّم والسيطرة بالمخلفات والنفايات المشعّة المتولدة عن استخدام المصادر المشعة هي إحدى تلك الموضوعات التي لا تزال تثير الشكوك في كثير من الدول حول جدوى استغلال الإنسان للطاقة النووية، ثم إنَّها تقف في الوقت ذاته كإحدى العقبات الأساس في وجه الاستغلال الأمثل للطاقة النووية؛ بما في ذلك كيفية إدارتها وتخزينها والتخلص منها في نهاية المطاف؛ لذلك تعد إدارة النفايات النووية مهمة معقدة ومتنوعة تتطلب دراسة متأنية للسلامة، والأثر البيئي، والقدرة على الاستمرار على المدى الطويل لضمان الاحتواء الآمن للمواد المشعة.

تتطلب الإدارة الفعالة للنفايات النووية الابتكار التكنولوجي، والإشراف التنظيمي، والمشاركة العامة؛ يعد البحث المستمر في خيارات التخلص المتطورة، مثل المستودعات الجيولوجية العميقة وإجراءات إعادة المعالجة، أمرًا بالغ الأهمية لضمان سلامة الطاقة النووية واستدامتها خاصة مع الحجم المتزايد للنفايات العالمية.

وأخيرا، تشكل الإدارة المسؤولة للنفايات أهمية بالغة لتحقيق الإمكانات الكاملة للطاقة النووية كمصدر للطاقة النظيفة والمستدامة؛ فمن خلال إعطاء الأولوية للسلامة وحماية البيئة والإدارة طويلة الأجل، يمكننا أن نضمن أن هذه النفايات تشكل الحد الأدنى من الأخطار على المجتمع والبيئة للأجيال الحالية والقادمة.