فقاعة العقارات: دروس من سياسة “البناء، والتوقف، والهدم، والتكرار” الصينية!!!

  • — الخميس سبتمبر 12, 2024

العمارة هي، قبل كل شيء بناء؛ لكن في بعض الأحيان يلعب التدمير دوراً مهماً؛ وفي مناسبات محددة، لا يمكن فهم أحدهما دون الآخر؛ الحالة التالية إحداها: تدمير (15) ناطحة سحاب في أقل من دقيقة؛ هُدمت في غضون خمسة وأربعين ثانية فقط. وقع الحدث في مدينة “كونمينغ” الصينية، عاصمة مقاطعة “يونان” الجنوبية، (كما في مقطع عملية التدمير أدناه)، وعلى الرغم من شراسة العملية، تمكن أحد الأبراج من البقاء واقفاً، وهدم لاحقاً؛

وذكرت صحيفة “كونمينغ ديلي” أنه استخدم 4.6 طن متري من المتفجرات في نحو 85000 نقطة تفجير في المباني، وكان لا بد من إخلاء أكثر من 5300 من السكان المحيطين للقيام بتنفيذ العمل، وحصل كل منزل على قرابة 23 دولارًا كتعويض، بعد التفجيرات غطى غبارها الحي كله.

لماذا؟

الحدث لم يكن حادثًا عرضياً، بل عمل قامت به السلطات لتصحيح خطئها التخطيطي؛ حيث كانت الحكومة خصصت الأراضي لمشاريع البنية التحتية الواسعة النطاق لتعزيز النمو الاقتصادي، وتلقى المطورون قروض كبيرة لتنفيذ البناء بشكلٍ عاجل.

وبسبب نموذج تخطيط التنمية الحضرية “العدواني”، والبناء المدفوع بالقروض الضخمة (الديون)، فقد بدأت تتكاثر المباني _غير المأهولة أو غير المكتملة- حتى أصبحت مدن أشباح، وتعثرت الشركات؛ مجموعة “إيفرجراند” -كمثال- إحدى أكبر شركات التطوير العقاري في البلاد، بلغت الديون المستحقة عليها ما يزيد عن 300 مليار دولار أمريكي؟!!

ولمعالجة هذا الوضع الكارثي (فقاعة العقار)، اتخذت الحكومة منعطفًا آخر، واختارت سياسة “البناء، والتوقف، والهدم، والتكرار”؛ وزعمت أنها حاولت بهذا الإجراء الحد من العرض، ومنع أسعار العقارات من الانخفاض، وتعزيز النشاط الاقتصادي من خلال التكرار ومزيد من البناء، لإحياء سوق العقارات “الراكدة”، أوقفت الحكومة مشاريع البناء، وهدمت ناطحات السحاب ومشاريع الإسكان التي يمكن أن تستوعب أكثر من 75 مليون شخص [!!!]

ماهي الدروس المستفادة لأهل تطوير المدن والعمرانية والإسكان والاقتصاد؟

التخطيط السيئ، الذي غالباً ما يتم التغاضي عنه في عجلة التنفيذ (المسابقة)، لتحقيق رغبات خاصة أو مكتسبات سريعة، يؤدي إلى الفشل وعواقب ومشكلات جمة، منها:

الفشل في إدارة الموارد بطريقة غير فعالة، وإلى الهدر وعدم الكفاءة.

الفشل تحديد التحديات وعدم القدرة على التنبؤ، والتحضير الجيد للعوائق المحتملة، وردود أفعال ارتجالية بدلاً من الخطط الاستباقية المدروسة.

الفشل في التخطيط للنفقات المستقبلية والمبالغة في تقدير الإنفاق (تحوط) التي تحتاج إلى تمويل ضخم ؛

الفشل في تقدير سيناريوهات الفرص الضائعة وانخفاض الإنتاجية، التي قد تحتاج إلى تعديلات باهظة الثمن، فتتراكم الديون، مع ضائقة مالية على جبهة التمويل.

الفشل في إدارة الأخطار القانونية، والمشكلات التي تتعلق بالامتثال وتعقيداته النظامية يؤدي -في كثير من الأحيان- إلى فرض عقوبات وغرامات مالية وفقدان التراخيص فالإفلاس فمشكلات قانونية[.]

الخلاصة… التخطيط السيء لا يصوبه ارتكاب خطأ آخر؛ فخطآن لا يصنعان صوابا!