ورد في معجم “ميريام وبستر”، أن “الرجل الموافق Yes-Man” هو: “الشخص الذي يؤيد أو يدعم دون انتقاد كل رأي أو اقتراح يقدمه زميل أو رئيس”؛ موافق دائماً.
هؤلاء الأشخاص هم في الغالب من صناعة المديرين والقادة؛ عندما يصبح الاختلاف مع المدير أو الرئيس أمر غير ممتع (مريح)، فأن أي شخص يمكن أن يصبح شخصًا يوافق على كل شيء؛ حتى أكثر الأشخاص صراحة في العمل سيتوقفون عن التعبير عن آرائهم.
المديرين والقادة الذين يخلقون بيئة عمل وسلوكيات تجلب المزايا والمكافآت والتقريب للأشخاص الموافقين دائماً، وسلوكيات قد تجلب تهميشاً وعقاب وإقصاء للمخالفين؛ كما يقول المثل، “تحصل على ما تكافئه”، والعكس بالعكس؛ فلا تحصل على شيء ممن يحس أنك قد تعاقبه.
إذا لم تسمح لمرؤوسيك بالاختلاف معك على وجه بناء، فإن ذلك سينقل لهم أنك لا تقدر الآراء المخالفة، حتى لو كنت تشعر بخلاف ذلك، فإن تصرفاتك كمدير -سواء كانت مقصودة أو غير مقصودة- قد تكون مدمرة لبيئة العمل؛ هذه الممارسة الخاطئة إذا لم تصحح بعدم إهمال طلب الرأي الآخر والملاحظات والاستماع إليها بإنصات، فسوف تخلق من حولك موظف أو موظفة يتفقون معك دائمًا، حتى وإن كنت على خطأ، وإن الضرر الذي يشكله هؤلاء الأشخاص هو أنهم يصبحون أصولاً غير مفيدة؛ هو أو هي غير مهمين، وليس ضروري وجودهم، وإن اعتقدت أنهم ليسوا أكثر من مجرد مرؤوسين مناسبين لك، لكنهم لن يكونوا مناسبين للقيام بأعمال مبدعة ومتميزة في المنظمة.
قد تشعر بالرضا لأنك تستطيع الاعتماد على أشخاص مطيعين، وقد يريحك موافقتهم على أنك تتخذ الإجراء الصحيح بشأن قرار حاسم و”حكمة أفكارك”؛ لكن الحقيقة أنك أحط نفسك بالأشخاص الذين يتفقون معك دائمًا، فقد يكون من الأفضل أن تستمع إلى نفسك، وتتوقف عن طلب رأي الآخرين، لأنك لا تقدر رأي الآخرين؛ ما تفعله هو صدى لنفسك؛ وكما يقال “عندما يتفق شخصان دائمًا، يصبح أحدهما غير ضروري تواجده”؛ هذه هي معضلة التناقض في السعي الدائم للحصول على مشورة شخص يتفق في الرأي معك دائمًا.
ضرر وجود الأشخاص الموافقين دائماً في العمل
إذا كنت لا تشجع الخلاف الصحي في تفاعلاتك وتواصلك مع العاملين معك، فإن هذا الخطأ الأكبر يقع عليك، وليس عليهم وتحتاج إلى ذكاء عاطفي؛ فعندما يخفق المرؤوسين باستمرار في الاختلاف معك، فغالبًا ما يكون ذلك، بسبب أنك وظفت فريقًا يشبهك تمامًا (هذه ليس ممارسة قيادية جيدة)، أو لأنهم يعتقدون أنك ستتجاهلهم أو تقصيهم لاختلافهم معك، وفي كلتا الحالتين، أضحى لديك فريق من الأشخاص الذين يقولون “نعم”، ويوفقونك دائماً، ووجود هؤلاء الأشخاص ليس ضارًا بالمنظمة فحسب، بل إنه ضار أيضًا بقيادتك.
عندما نخلق أشخاصاً موافقين لنا في كل شيء، فنحن في الواقع نحيط أنفسنا بأشخاص معدومي النفع وغير ضروريين؛ وسيخلقون في المنظمة موظفين مثلهم، وهذا خطأ يجب تجنبه كمدير أو رئيس، وتذكر أنه عندما تعمل مع مثل هؤلاء الأشخاص، فإنهم لا يستطيعون تنبيهك أو منعك من اتخاذ قرارات قيادية لكي “تقفز من الهاوية”؛ لأنهم إما سيتبعونك للهاوية، أو ينقذون أنفسهم، ويتوقفون عن متابعتك، وهم يراقبونك تغوص إلى القاع.
امنح مرؤوسيك القوة للتعبير عن قناعاتهم، شجع الآخرون على الاختلاف معك، ومع بعضهم البعض على نحو بناء ليكونوا منتجين؛ قوة الاختلاف -على نحو مناسب- أمر صحي، ويجعل العمل أفضل، ويجعل لمرؤوسيك ذو قيمة وفعالية، وستجدهم يقفون معك خاصة في المشكلات العميقة، وعند الأزمات والكوارث.
إن النجاح الحقيقي في المنظمات يكمن في تعزيز التواصل المفتوح، وتقديم مدخلات بناءة، والمشاركة في النقاشات الصحية والأفكار الصعبة، التي تشجيع الإبداع، التي تعمل على تقوية المنظمة، وتمهد الطريق لمستقبل أكثر استدامة؛ ومن خلال تبني هذا النهج فقط، يمكن للأفراد أن يصبحوا قادة مؤثرين، ويسهموا إلى حد بعيد في نمو مؤسستهم، وإلى اتخاذ قرارات أفضل وتحقيق النجاح على المدى القريب والمتوسط والطويل.