جاء في الحديث القدسي الذي يرويه النبي-ﷺ- عن ربه عز وجل، يقول رب العزة: «قالَ اللَّهُ تبارَك وتعالى كذَّبني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يُكذِّبني وشتَمني ابنُ آدمَ ولم يَكن ينبغي لهُ أن يشتُمَني أمَّا تَكذيبُه إيَّايَ فقولُه إنِّي لا أعيدُه كما بدأتُه وليسَ آخِرُ الخلقِ بأعزَّ عليَّ من أوَّلِه وأمَّا شتمُه إيَّايَ فقولُه {اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا} وأنا اللَّهُ [الأحدُ] الصَّمدُ لم ألِد ولم أولَد ولم يَكن لي كفُوًا أحدٌ».
شارك هذا الموضوع:
- انقر للمشاركة على Telegram (فتح في نافذة جديدة)
- اضغط لتشارك على LinkedIn (فتح في نافذة جديدة)
- اضغط للمشاركة على تويتر (فتح في نافذة جديدة)
- انقر للمشاركة على فيسبوك (فتح في نافذة جديدة)
- انقر للمشاركة على WhatsApp (فتح في نافذة جديدة)
- اضغط للطباعة (فتح في نافذة جديدة)
- النقر لإرسال رابط عبر البريد الإلكتروني إلى صديق (فتح في نافذة جديدة)
والشتم هو وصف الشخص بالنقائص والمعايب، وأما شتم ابن آدم لله -ﷻ- فهو نسبة الولد له سبحانه وتعالى، ويعد هذا شتما في حق الله تعالى؛ إذ إثبات الولد إنما يكون عن والدة تحمله، ثم تضعه، ويستلزم ذلك سبق النكاح، والناكح يستدعي باعثا له وحاجة تطلب ذلك، واللهُ سُبحانَه وتعالَى مُنَزَّهٌ عن جَميعِ ذلك، وممَّن قال بهذا اليَهودُ والنَّصارى، وادِّعاؤُهم أنَّ للهِ وَلدًا، سُبحانه وتعالى عن ذلك عُلوًّا كَبيرًا؛ فإنَّ فرقة من اليَهودَ قالوا: عُزَيرٌ ابنُ اللهِ، والنَّصارى قالوا: عِيسى ابنُ اللهِ، ويَشمَلُ كذلك مَن قال مِن العَربِ: المَلائكةُ بناتُ اللهِ.
وقال رسول الله-ﷺ-: «لا أحَدَ أصْبَرُ علَى أذًى يَسْمَعُهُ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، إنَّه يُشْرَكُ به، ويُجْعَلُ له الوَلَدُ، ثُمَّ هو يُعافيهم ويَرْزُقُهُمْ» [الصحيحين].
لقد بين رسول الله -ﷺ- في هذا الحديث عظم صبر الله تعالى وحلمه، وأن لا أحد أصبر وأحلم وأبعد عن الانتقام، وأكثر تأخيرا عن العقوبة على شيء يكرهه من قول أو فعل؛ من الله تعالى؛ فهو يسمع كلام من ينسبون له الولد كذبا وزورا، قال تعالى في سورة مريم: ﴿وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا (٨٨) لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئًا إِدًّا (٨٩) تَكَادُ السَّمَوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا (٩١) وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا(٩٢) إِنْ كُلُّ من في السَّمَاوَاتِ والأرض إلا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا (٩٣) لقد أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وكلهم آتِيهِ يومَ القيامة فَرْدًا (٩٥)﴾. ومع سماعه وعلمه وقدرتهﷻ، إلا أنه يصبر عليهم، بل يعافيهم في أبدانهم وحياتهم، ويرزقهم من فضله ونعمه في الدنيا، ويؤخر عقوبة من لم يتب منهم إلى الآخرة!
وفي رواية البخاري للحديث القدسي، قال اللهُ تعالَى: «فسُبْحاني أنْ أتَّخِذَ صاحِبةً أو ولَدًا!»، أي: تَنْزيهًا وتَطْهيرًا وتَعْظيمًا لي؛ تَنزَّهْتُ عنِ اتِّخاذِ الزَّوْجةِ أوِ الولَدِ، فنَزِّهوني عن ذلك.
والمسلم لا يشارك في هذا الباطل أو يجالسه، فيكون مثلهم؛ في سبهم لله؛ تعالَى اللهُ عمَّا يَقولُ الظَّالِمونَ عُلوًّا كَبيرًا.