(مختصر من كتاب “تنفيذ مؤشرات الأداء الرئيسية الناجحة لديفيد بارمينتر”)
تمهيد ..
تُعد عملية قياس الأداء سواء في المؤسسات الحكومية وغير الربحية أم في القطاع الخاص ذات أهمية كبرى لكليهما؛ خاصة وأن هذه المؤسسات الحكومية والخاصة تعانيان من شح الموارد البشرية والمالية التي لها بالغ الأثر في أدائهما وتطورهما.
والجدير بالذكر أن المؤسسات الحكومية وغير الربحية من أولى الجهات التي تبنت فلسفة قياس الأداء من خال استخدام بطاقات الأداء المتوازن ومؤشرات الأداء الرئيسية وغيرها من منهجيات قياس الأداء.
ولضمان نجاح عملية قياس الأداء وبناء مؤشرات الأداء الرئيسية بالقدر الفارق الملحوظ على أداء المنظمة فإنه يجب إعادة بلورة وتغيير الفكر السائد عن إدارة الأداء وقياسه وإحداث تغيير جذري في طريقة تناوله ومعالجته.
ولذلك فإنه قبل الخوض في عملية قياس الأداء من الناحية الفنية يجب على المهتمين بهذا الموضوع بناء القاعدة الأساسية لاستيعاب وفهم عملية قياس
وإدارة الأداء من خلال توحيد المفاهيم والإلمام بركائز إدارة الأداء ومعالجة سوء الفهم والاعتقادات الخاطئة حول هذه العملية.
ومن المسلمات في هذا السياق أنه لا يمكن لمشروع بمثل هذه الضخامة أن يرى النور دون دعم قائد المنظمة ورعايته واحتضانه الدائم لهذا العمل، كما أن عملية قياس الأداء يجب أن تتولد من استراتيجية المنظمة؛ وذلك لأن بناء مقاييس الأداء يعتمد بشكل جوهري على وجود استراتيجية واضحة للمنظمة.
ويجب على العاملين في مجال قياس الأداء عدم إغفال الأثر الذي سيولده مشروع قياس الأداء على صعيد تغيير ثقافة المنظمة وسلوكيات العاملين فيها؛ لذا يجب إدارة عملية التغيير باحترافية وحذر تام وتخصيص الجهد والوقت اللازمين لإدارة هذه العملية.
ويُعد نموذج الاثنتي عشرة خطوة لبناء مؤشرات الأداء أحد أفضل الممارسات في هذا المجال، إذ من خلاله يمكن ضمان نجاح عملية قياس الأداء وإدارتها بتميز. ومن أهم ما يميز هذا النموذج عن غيره من منهجيات ونماذج قياس الأداء هو آلية المتبعة لتوليد واستخراج مؤشرات الأداء الرئيسية، لأن ذلك يتم بناءً على تحديد ما يعرف بعوامل النجاح الحاسمة التي من خلالها يمكن بناء مؤشرات الأداء الرئيسية بالشكل الصحيح. كما أن النموذج فرَّق بشكل واضح بين أربعة أنواع من مقاييس الأداء على عكس غيره من النماذج.
ويُعد التسويق المستمر لمشروع قياس الأداء وإشراك المعنيين به في المنظمة خلال مراحله المختلفة أحد أهم عوامل نجاح واستمرارية هذا العمل الذي يتطلب التواصل المستمر من خلال وسائل الاتصال المختلفة لتوعية وتحفيز جميع المعنيين في المنظمة وإقناعهم به.
[قاعدة : 10 / 80 / 10]
يوصي النموذج عند تحديد مقاييس الأداء بوجوب الحرص على أن تكون متنوعة من خلال تطبيق قاعدة : 10 / 80 / 10 ، وهي :
10 مؤشرات نتائج رئيسية ((KRIs Key Results Indicators ، 80 مؤشر نتائج (RIs) Results Indicators ومؤشر أداء (PIs) Performance Indicators ، و 10 مؤشرات أداء رئيسية (KPIs) Key Performance Indicators.
[نموذج الاثنتي عشرة خطوة المطلوبة لتطوير مؤشرات الأداء]
أهم ما يميز نموذج مؤشرات الأداء عن منهجية بطاقة الأداء المتوازن هو أنه يحوي تعريفاً محدداً وواضحاً لماهية مؤشرات الأداء الرئيسية وتميزها عن بقية مقاييس الأداء، كما أنها طُورت لتقديم ممارسة أفضل وتسهيل تطبيقها السريع خلال إطار زمني محدد يتراوح بين ستة إلى ستة عشر أسبوعاً بناء على حجم المنظمة.
الخطوة الأولى: التزام الإدارة العليا ودعمها للعملية؛ إذ إن عليهم فهم وإدراك أهمية مؤشرات الأداء الرئيسية وتخصيص وقت مجدول للقاء الفريق المسؤول عن مؤشرات الأداء وتقديم التغذية المرتجعة عن المقاييس المقترحة.
الخطوة الثانية: إعداد فريق مفرغ لتنفيذ العمل المتعلق بمؤشرات الأداء ورفع التقارير مباشرة لرئيس المنظمة. ويجب أن يمتلك هذا الفريق الخبرة الكافية ومهارات الاتصال الفاعل والنزعة الإبداعية والإلمام الكامل بالمنظمة ونشاطها.
الخطوة الثالثة: نشر ثقافة وعمليات مواكبة ومناسبة لتطبيق النموذج، حيث يجب نشر وغرس ثقافة المبادرة من خلال توفير التدريب والدعم اللازمين لفرق العمل المعنية بتطوير مؤشرات الأداء الرئيسية وإشراك أصحاب المصالح في عملية التخطيط لبناء مؤشرات الأداء الرئيسية.
الخطوة الرابعة: إعداد استراتيجية تطويرية شاملة لتطبيق النموذج بهدف تحديد الوقت الأنسب لإطلاق مشروع قياس الأداء والطريقة الأفضل لتنفيذه والمراحل الرئيسية للمشروع.
الخطوة الخامسة: تسويق النموذج لجميع العاملين في المنظمة وتهيئتهم للتغيير القادم على المنظمة من خال وضع خطة للتغيير، ووضع آليات للتعامل مع العاملين المقاومين للتغيير، وفتح قنوات اتصال متنوعة للتوعية لمشروع مؤشرات الأداء الرئيسية.
الخطوة السادسة: تحديد عوامل النجاح الحاسمة على نطاق المنظمة كونها الأساس الذي سيترتب عليه مؤشرات الأداء الرئيسية، والتأكد من استيعاب العاملين في المنظمة بمستوياتهم المختلفة لها من خلال التواصل المستمر معهم من خلال قنوات الاتصال المختلفة.
الخطوة السابعة: جمع وتوثيق وتسجيل مقاييس الأداء في قاعدة بيانات خاصة بذلك، وترتيبها بالشكل المناسب، وتحديثها بشكل دوري، وجعلها متاحة لجميع العاملين في المنظمة.
الخطوة الثامنة: اختيار مقاييس أداء على مستوى فرق العمل المشاركة في عملية بناء مؤشرات الأداء ليكونوا على اتساق مع مصلحة المنظمة ككل، ولكي تكون أنشطتهم اليومية على اتساق مع أهداف المنظمة الاستراتيجية.
الخطوة التاسعة: تحديد مؤشرات الأداء الرئيسية الناجحة على مستوى المنظمة واختيارها بعد الانتهاء من اختيار مقاييس أداء على مستوى فرق العمل بحيث لا يتجاوز عددها 10 مؤشرات.
الخطوة العاشرة: وضع إطار للتقارير يشمل كافة المستويات ويلبي احتياجاتها المختلفة بما يدعم عملية صنع القرار في الوقت المناسب ويتم عرضها بشكل مبسط وقابل للفهم. وهذه التقارير سيظهر بعضها بشكل يومي وآخر بشكل أسبوعي أو شهري وآخر بشكل ربع سنوي.
الخطوة الحادية عشرة: تيسير استخدام مؤشرات الأداء الرئيسية الناجحة وذلك من خال تركيز التنفيذي على استخدامها والمساءلة عنها لغرسها في النشاط اليومي للعاملين في المنظمة.
الخطوة الثانية عشرة: تنقيح مؤشرات الأداء الرئيسية للحفاظ على ارتباطها بالمنظمة، وذلك من خلال مراجعة عوامل النجاح الحاسمة بشكل دوري والتأكد من صلاحيتها، ومراجعة مقاييس الأداء من قبل المختصين في المنظمة والتأكد من ملاءمتها لاستراتيجية للمنظمة.
[ركائز تنفيذ نموذج مؤشرات الأداء]
إن تطوير واستخدام مؤشرات الأداء الرئيسية منوط بسبع ركائز أساسية تُعد القاعدة التي من خلالها يمكن بناء مؤشرات الأداء وإدارة الأداء بنجاح، وهذه الركائز هي:
الشراكة الفاعلة بين الإدارة العليا في المنظمة والموظفين من خلال التطوير المشترك لآلية تطبيق مؤشرات الأداء الرئيسية.
تمكين موظفي الخطوط الأمامية في المنظمة وتفويض السلطة لهم لتحديد مقاييس الأداء واتخاذ الإجراءات التصحيحية بشكل فوري إذا دعت الحاجة لذلك.
أن يكون مصدر استخراج مؤشرات الأداء الرئيسية هو عوامل النجاح الحاسمة والتي تربط أنشطة المنظمة اليومية باستراتيجيتها.
إعداد التقارير عن الأمور المهمة والمرتبطة وبشكل واضح بعوامل النجاح الحاسمة من خال وجود إطار متكامل يضبط هذه العملية يمكن المنظمة من قياس ما تحتاجه، ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة في الوقت المناسب.
تبني نظرية «التخلي » والتي تنص على أن التخلي عن العمليات التي لا تفي بالغرض مصدر حيوي وأصل للإبداع داخل المنظمة.
الفهم العميق للسلوك البشري للتعامل مع الجانب السلوكي لمقاييس الأداء من خال تدريب وتأهيل فريق مختص للإلمام بمختلف جوانب إدارة وقياس الأداء؛ وذلك للتقليل من الآثار السلبية التي قد تتولد نتيجة للسلوكيات البشرية.
تحديد تعريف واضح لمفهوم مؤشرات الأداء الرئيسية لجميع العاملين في المنظمة.
[عوامل النجاح]
وجدت مقاييس الأداء من أجل ضمان تركيز نشاط العاملين في المنظمة على الأمور الأكثر أهمية وليس وفقاً للاعتقاد السائد بأنها وجدت من أجل المساعدة في تنفيذ ومتابعة المبادرات. ومن هذا المنطلق فإنه على المنظمات قبل البدء في تحديد مقاييس الأداء، الاتفاق على عوامل النجاح الحاسمة، والتي عادة ما تكون الحلقة المفقودة في معظم منهجيات قياس وإدارة الأداء. إن غياب عوامل النجاح الحاسمة ينتج عنه تشتت جهود المنظمة وسيطرة ميول ورغبات كل مدير في المنظمة في تحديد أوجه التركيز لدى المنظمة. كما أن عوامل النجاح الحاسمة هي الأساس الذي سيترب عليه مؤشرات الأداء الرئيسية ويحقق المواءمة بين فرق العمل المختلفة في المنظمة.
[خصائص النجاح]
أن تكون صياغتها سهلة واضحة.
أن تكون مألوفة لدى القيادات العليا في المنظمة ومعروفة لديهم.
أن تكون قابلة للتطبيق على أكثر من منظور من مناظير بطاقة الأداء المتوازن الأربعة.
أن يكون عددها بين خمسة إلى ثمانية عوامل.
أن يكون أثرها واضحاً وجلياً على المنظمة ككل وليس على إدارة معينة.
أن تتفاعل وتؤثر عوامل النجاح على بعضها البعض.
أن يكون مجال تركيزها وتأثيرها واضحاً ومحدداً.
[الجانب المظلم لمؤشرات الأداء وآثار السلوك الإنساني]
أحد أهم السمات التي تميز مؤشرات الأداء الرئيسية التي يغفل عنها الكثير من المعنيين بهذا الموضوع هي وجود جانب مظلم لها ينعكس على السلوك البشري والذي قد يولد نتائج قد تسير بالأداء في الاتجاه غير الصحيح، وما يتبع ذلك من عواقب وخيمة على المنظمة، ومن هنا يلزم على المعنيين بموضوع قياس الأداء عمل التالي:
– مناقشة مناسبة المؤشر مع فريق العمل المعني به من خلال طرح التساؤل التالي: “إذا قمنا بقياس ذلك، ما الذي ستفعله؟” وذلك لمعرفة السلوك الذي سيتولد من استخدام المؤشر.
– اختبار المؤشر قبل اعتماده والبدء في استخدامه بشكل رسمي.
– إلغاء المؤشر إذا كانت عواقب استخدامه سلبية على المنظمة.