||أهمية التصميم التنظيمي السليم و البناء الهيكلي المناسب للمؤسسات||

  • — الجمعة مايو 15, 2020

من خلال الاطلاع على عمل المديرين التنفيذيين وغير التنفيذيين، وما يواجهونه من تحديات في القيادة وادارة العمل، في محاولة لفهم مدى صعوبة إدارة منظمة ما، وكيف أنهم استطاعوا – أو فشلوا – في التكيف مع الهياكل التنظيمية المتغيرة في المنظمات تحتاج إلى إعادة التفكير في استراتيجياتها وتغيير طريقة عملها.

نجد أن هذا الأمر كان في الغالب يجري دون تفكير عميق لعدة أسباب منها الاستعجال؛ حيث تقوم بتحويل تركيزها على البيئة التنظيمية لنماذج مقلده (أو مستوردة) بدلاً من النظر إلى الصورة الكلية للمشهد، وهذا الوضع يؤدي إلى الكثير من مبادرات التغيير الجزئي بدلاً من النظر إلى التصميم التنظيمي العام. لذلك، فنادرًا ما تلتقي بقادة يدافعون عن إعادة التصميم التنظيمي الكامل، أو يستخدمونه كوسيلة لدعم موظفيهم وأعمالهم، فعندما تتغير الاستراتيجية التنظيمية، يجب إعادة تنظيم الهياكل والأدوار والوظائف لتتوافق مع الأهداف الجديدة؛ بيد أن هذا لا يحدث دائمًا، ونتيجة لذلك يمكن تجاهل المسؤوليات، وقد يكون التوظيف غير مناسب، ويمكن للأشخاص – وحتى الوظائف – العمل ضد بعضهم البعض.

في كثير من الأحيان ، لا ترى أكثر من مجرد تسلسل هرمي، ربما يتسع إلى مصفوفة matrix structure في أجزاء من المنظمة، وفي أغلب الأحيان، يبقى التسلسل الهرمي جزءًا لا يتجزأ من البنية “الجديدة”، والتي يمكن أن تتخطى فعاليتها وتترك الناس في حيرة من أمرهم.

الأسوأ من ذلك، نادراً ما تبين المنظمات لموظفيها كيفية العمل في الهيكل الجديد، وهو الأمر الذي يمكن أن يؤدي أيضًا إلى تقويض الفعالية؛ العديد يجدون صعوبة متزايدة في العمل ضمن هياكل مختلة لا تعمل، والانطباع السائد هو أن هذه المؤسسات إما أنها تتجاهل أهمية التصميم التنظيمي أو ببساطة لا تعرف ماذا تفعل؟!

ولعل هذا ليس بالأمر الغريب، لأن الموضوع معقد وغالبًا ما يتم تفسيره بشكل سيئ من قبل الأكاديميين والاستشاريين، فقد يكون العثور على أسلوب عملي للتصميم التنظيمي أمرًا صعبًا، بالرغم من أن بعض المتخصصين في إدارة الأعمال يحاولون تبسيط الأمور!!

إنه لأمر مؤسف أيضًا أن يقوم الهيكل التنظيمي بإملاء العلاقة بين الأدوار في المنظمة، وبالتالي، الكيفية التي يعمل بها الموظفون، والهيكل يمكن أن يؤدي إلى حالة من الغموض والارتباك لا داعي لها، وغالبًا ما يفتقر إلى المساءلة، ويمكن أن تكون الهياكل معقدة: مثلاً هناك مصرف لديه تسلسل هرمي واضح في الأعلى، ولكن مصفوفة الهيكل معقدة إلى حد بعيد في المستويات الدنيا، هذا الأمر يسمح لبعض المديرين بتفادي مسؤولياتهم، بينما يمكن للبعض الآخر نقل (التخلص) الموظفين الذين يثيرون المشكلات أو “إخراجهم” بسهولة. وفيما يلي بعض النماذج :

الوظيفة المتشعبة “غير العملية” :

الرئيس/المدير/الموظف يقوم بتقييد العديد من الأدوار بعيده عن دوره الأصلي لدرجة أنه أصبح من المستحيل القيام بعمله، حيث أصبح بعض أدواره يتعارض  مع البعض الآخر. ليس هذا وحسب، بل امتد دوره إلى ما هو أبعد من حدوده المعتادة من خلال نطاق دوره وحقيقة أنه كان عليه أن يعمل عبر عدة مناطق زمنية!!!

التسييس:

أحد الموظفين التنفيذيين في تجارة التجزئة دوره كاد أن يصيبه “بانفصام الشخصية” لأنه كان مطلوبًا منه التأثير على مجموعة من أصحاب المصلحة الداخليين الذين تلقوا تعليمات من رئيسهم بعدم التعاون معه، وقد كان هذا السلوك الشاذ نتيجة للتسيسس والحروب التاريخية بين هذا الرئيس وأحد زملائه، فقد كان الأخير يستخدم نفوذه لإعادة هيكلة القسم وإخضاعه لسيطرته!!!

الإفراط في التنظيم :

أحد المصرفيين يشرح كيف أنه طُلب منه الحصول على موافقة الكثير من الأشخاص على مشروع كبير، وهو الأمر الذي اضطره إلى إهدار ستة أشهر في محاولة الحصول على هذه الموافقات، مما حد بشدة من قدرته على المنافسة في السوق!!!

التقدم بطلب للحصول على وظيفتك التي تعمل بها:

أحد الموظفين التنفيذيين في إحدى الشركات العالمية في مجال الأغذية يشرح كيف أراد الرئيس التنفيذي الجديد أن يترك بصمته من خلال إعادة هيكلة المجموعة، حيث طلب هذا الرئيس من الموظفين أن يتقدموا بطلب للعمل في وظائفهم التي يعملون بها، وذلك من أجل تحديد فائض العمالة!!!

اشتباكات ثقافية :

شركة استشارية كانت بها مجموعة كبيرة من الموظفين يقومون بتعريف أنفسهم من خلال الثقافة التنظيمية organizational culture  لشركة جرى الاستحواذ عليها قبل أكثر من 20 عامًا؛ لقد عملت هذه المجموعة ضد الثقافة الجديدة، وقامت بسبب الاشتباكات الثقافية بفشل الشركة بطرق بسيطة وبعيدة المدى!!!

الخلاصة أن التصميم التنظيمي والهيكل الضعيف (العشوائي)، يؤدي إلى مستنقع محير من التناقضات؛ الارتباك ضمن الأدوار ، وغياب التنسيق بين الوظائف، والفشل في تبادل الأفكار كمنظمة، وبطء عملية صنع القرار، وهو ما يضع المديرين في مواجهة تعقيدات وتوترات وصراعات هم غنى عنها.

القيادات في قمة المنظمة غالبًا ما تكون غافلة عن هذه المشكلات وغير مدركة لها، أو الأسوأ من ذلك، أنها تمر عليها مرور الكرام، ولا تتعاطى معها على أنها تحديات يجب التغلب عليها أو فرص ينبغي استغلالها لأجل التطوير والتحسين إلى الأفضل، وهنا تأتي أهمية القيام بالتصميم التنظيمي السليم، و البناء الهيكلي المناسب بأشخاص مناسبين! 


عدة مصادر بتصرف