عهد «ابن مَسْكَوَيْهِ» مع نفسه!

  • — الخميس فبراير 16, 2023

هذا ما عاهد عليه أحمدُ بن محمّد، وهو يومئذ آمِنٌ في سربه، معافًى في جسمه، عنده قوتُ يومه، لا تدعوه إلى هذه المعاهدة ضرورةُ نفسٍ ولا بدن، ولا يريد بها مراءاةَ مخلوق، ولا استجلابَ منفعةٍ ولا دَفْعَ مضرّةٍ منهم.
عاهدَه على أن يُجاهد نفسه ويتفقّد أمره فَيَعِفَّ وَيَشْجُعَ وَيَحْكُم.

» وعلامةُ عفّته: أن يقتصد في مآرب بدنه حتّى لا يحمله الشَّرَهُ على ما يضرّ جسمه أو يهتكَ مروءته.
» وعلامةُ شجاعته: أن يحارب دواعيَ نفسه الذميمة حتّى لا تقهره شهوةٌ قبيحة، ولا غضبٌ في غير موضعه.
» وعلامةُ حكمته: أن يستبصرَ في اعتقاداته حتّى لا يفوته بقدر طاقته شيءٌ من العلوم والمعارف الصالحة؛ لِيُصلِحَ أوّلاً نفسه ويهذّبها، ويحصل له من هذه المجاهدة ثمرتُها التي هي العدالة، وعلى أن يتمسّك بهذه التّذْكِرة ويجتهد في القيام بها والعمل بموجبها؛ وهي خمسة عشر باباً:

١- إيثارُ الحقّ على الباطل في الاعتقادات، والصّدقِ على الكذب في الأقوال، والخيرِ على الشرّ في الأفعال.
٢- وكثرةُ الجهاد الدائم لأجل الحرب الدائم بين المرءِ وبين نفسه.
٣- والتمسّكُ بالشريعة ولزوم وظائفها.
٤- وحفظُ المواعيد حتّى ينجزها؛ وأوّلُ ذلك ما بيني وبين الله جلّ وعزّ.
٥- وقلّةُ الثقة بالناس بترك الاسترسال.
٦- ومحبّةُ الجميل لأنّه جميل؛ لا لغير ذلك.
٧- والصّمتُ في أوقات حركات النفسِ للكلام حتّى يُستشار فيه العقل.
٨- وحفظُ الحال التي تحصل في شيء، حتى تصير ملَكَةً ولا تفسدَ بالاسترسال.
٩- والإقدامُ على كلّ ما كان صواباً.
١٠- والإشفاقُ على الزمان الذي هو العُمر؛ لِيُستَعملَ في المهمّ دون غيره.
١١- وتركُ الخوف من الموت والفقر لعمل ما ينبغي، وتركُ التواني، وتركُ الاكتراث لأقوال أهل الشرّ والحسد لئلّا يشتغلَ بمقاتلتهم، وتركُ الانفعال لهم.
١٢- وحُسنُ احتمال الغِنى والفقر والكرامة والهوان بجهةٍ وجهة.
١٣- وذكرُ المرضِ وقتَ الصحّة، والهَمِّ وقتَ السرور.
١٤- والرضا عند الغضب ليقلّ الطَّغيُ والبَغي.
١٥- وقوّةُ الأمل وحُسن الرجاء والثّقة بالله عزّ وجلّ، وصرفُ جميع البال إليه.

ا.ه.