تولى الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- الخلاقة، ومضى سنوات والمسلمون يؤرخون بالأحداث العظام، فيقولون: ذلك عام الفيل، وولد فلان بعد عام الفجار بسنة، ومست الحاجة لضبط شئونها وأعمالها بعد توسعت، فيجمع عمر بعض الصحابة يستشيرهم: أي الأحداث الأولى أن يكون مبدأ التاريخ الإسلامي: ولادة النبي -ﷺ- أم وفاته أم نزول الوحي عليه في غار حراء؟
ويتفق الجميع أن تكون هجرة النبي – ﷺ – وأصحابه من مكة إلى يثرب (المدينة المنورة)؛ بسبب ما كانوا يلاقونه من إيذاء من صناديد قريش، وكانت في عام (1) هجرية، وكانت الهجرة في الربيع الأول، وكان هذا التشاور في السنة السابعة عشرة، فأضافوا الأشهر السابقة على ربيع حتى يبدؤوا بما اعتادوا به بدء السنة وهو المحرم، وجرى الأمر على ذلك. واتخذت الهجرة النبوية بداية للتقويم الهجري فهي مبدأ نجاح الدعوة وانتشار الإسلام ومحق الشرك.
…
«نهاية عام وبداية آخر»
يقال أن أيام الدهر ثلاثة: يوم مضى لا يعود إليك، ويوم أنت فيه لا يـدوم عليك، ويوم غدٍ مستقبل قادم لا تدري ما كتب الله -عز وجل- فيه عليك.
وكم هي سريعة هذه الأيام ، وما أسرع انقضاء العمر؛ تمر السنةُ كالشهرِ ، والشهرُ كالجمعة ، والجمعةُ كاليومِ ، واليومُ كالساعة.
والإنسان الموفق من اتخذ من العبرة من سرعة مضي الأيام وعلم قيمة الوقت فغانمه بما يعود عليه بالخير والنفع في الدنيا و الآخرة ؛ فالإنسان ما هو إلا سيرة تبقى بعد رحيله.
قال الأخفش :
أرى عُمْرَ الأنام كرأس مالٍ .. سعوا فيهِ لربحٍ أو خسارةْ
فمِنهم مَنْ يروحُ بغير ربحٍ .. ومنهم مَنْ له فضلُ التجار
وقال آخر :
يا أيها المعدودُ أنفاسُه .. يوشِك يومًا أن يتمَّ العددْ
لا بدَّ من يومٍ بلا ليلةٍ .. وليلةٍ تأتي بلا يومِ غدْ
فنحمد الله أن مد في الآجال، وأذن لنا بذكره وشكره وعبادته.
ونسأله جل جلاله وعظم سلطانه وتقدست أسماؤه، العفو والعافية في الدنيا والآخرة، وأن يتجاوز عن التقصير والزلل والخلل فيما مضى ، وأن يبارك لنا في عامنا القادم ويجعل ما بقي من العمر خير مما مضى، وأن يأخذ بنواصينا للبر والتقوى ومن العمل ما يرضى، وأن ينسأ لنا في الأثر، ويحسن لنا الختام، ويجمعنا ووالدينا وأهلينا وأحبابنا في أعالي الجنان مع الأنبياء والصديقين والشهداء والصالحين، وحسن أولئك رفيقا.
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.