المرض المنقول بالغذاء (أو التسمم الغذائي) هو عبارة عن مجموعة أعراض تنتج عن تناول أغذية ملوثة بالبكتيريا؛ وتعتبر “البكتريا” السبب الرئيسي في أكثر من 80% من حالات التسمم الغذائي في العالم، وأيضاً قد ينتج التسمم الغذائي عند تناول أغذية ملوثة بأنواع مختلفة من الجراثيم والفيروسات والطفيليات أو مواد سامة مثل التسمم الناتج عن أكل نوع من أنواع الفطر السام.
وتعتبر حوادث التسمم الغذائي واحدة من القضايا الهامة عالمياً؛ حيث يخلق تلوث الطعام ضغطاً اجتماعياً واقتصادياً واسع المجال على المجتمعات التي تتعرض لحالات تفشي التسمم الغذائي؛ ونتيجة لذلك تُنشأ لجان لتقصي حالات التسمم الغذائي.
و ترأس «الأمانات» لجان الاستقصاء الوبائي -حسب القرارات الوزارية- لإجراء الدراسات الازمة لتقصي فاشيات الأمراض المنقولة عن طريق الغذاء، والعلاقة ما بين «البلديات» والجهات المعنية الأخرى (وزارة الصحة، وزارة الداخلية، وزارة البلديات ، وهيئة الغذاء والدواء) هي علاقة “تكاملية” وفق آلية محددة وردت في “دليل ضوابط عقوبات حوادث التسمم الغذائي” وعادة يمثلها أشخاص اكتسبت خبرة تراكمية في شأن قضايا التسمم الغذائي.
وفي حالة وقوع حادث تسمم تقوم «الأمانات» بدور هام حيث تقع عليها مسؤولية التفتيش على المنشأة المرخصة للوقوف على مدى تطبيق الاشتراطات الصحية، والمشاركة في التحقيق للوصول إلى مسببات حادث التسمم، حيث يبدأ عمل اللجنة فور ما يصلها من بلاغات من المستشفيات التي تُبلغ عن حالات اشتباه التسمم الغذائي إلى طوارئ وزارة الصحة مباشرة، والتي تقوم بدورها بإبلاغ اعضاء اللجنة الرباعية للشخوص إلى الموقع حالاً، والقيام بإجراء عملية الاستقصاء الوبائي لمعرفة ظروف حدوث التسمم، ومراجعة طريقة (أو طرق) تحضير وإعداد وتقديم الأغذية إذا كان الحادث نتيجة تناول غذاء في موقع خدمات غذائية، أو طريقة تصنيع وتخزين الأغذية المشتبه فيها، وأخذ عينات من الغذاء وعمل مسحات للأسطح والأدوات والمواد والعاملين، ومن ثم الذهاب الى المصابين واخذ افاداتهم.
بعد ذلك تبدأ وزارة الصحة في تحديد نوع الميكروب المسبب لحالات التسمم من المصابين، وكذلك تُحدد مختبرات البلديات وهيئة الغذاء والدواء نتائج العينات التي أخذت من العاملين والغذاء وأماكن التحضير، ثم تجتمع اللجنة لدراسة الملف كاملاً وربط العلاقة للغذاء المشتبه فيه من بداية الإعداد إلى الاستهلاك بما في ذلك الحفظ والتبريد وإعادة التسخين، ورسم مخطط لخطوات الإعداد كاملة وتحديد العوامل المحتملة التي ساهمت في الحادثة، وإصدار التقرير النهائي من قبل اللجنة الرباعية متضمناً الاستنتاجات والتوصيات بإدانة المنشأة وإصدار العقوبة ويرفع إلى وزير البلديات لاعتماده ويوجه الأمانة/البلدية المعنية بالقيام بتطبيق لائحة الجزاءات (إغلاق- غرامات).
إن زيادة المعرفة عن الأمراض المحمولة بالغذاء وإمكانية التحكم والحد منها تعتمد على دقة الرصد والتقصي والتحقيق في هذه الحوادث، وعادة يستفاد من المعلومات المتوفرة من لجان التحقيق في حوادث التسمم – من خلال دراسة الحوادث خلال فترة زمنية طويلة سنة أو أكثر- في الحد من انتشار الأمراض المحمولة بالغذاء، واتخاذ إجراءات مباشرة خلال التحقيق أو بعده مباشرة أو تحسين الإجراءات على المدى الطويل .
ويمكن الحد -بإذن الله- من هذه الحالات بشكل كبير إذا اعتمدت الجهات التنظيمية والرقابية المسؤولة عن سلامة الغذاء على استراتيجيات قائمة على مبدأ “الوقاية أولاً” لتقليل مخاطر تلوث الأطعمة، واستكشف الجميع الدروس المستفادة من حالات التفشي، والخطوات التي اتخذت – أو يمكن أن تتخذها – لمنع حدوث حالات أخرى في المستقبل بمشاركة صناعة الأغذية ومنشآت إعداد الطعام؛ وذلك عن طريق تكثيف أعمال الرقابة الصحية -بدون تنبيه- ونشر الوعي من خلال القيام بحملات عن “الصيف وسلامة الغذاء” و “التلوث الميكروبي للغذاء” و “سلامة الغذاء على أفراد المجتمع والمنشآت الغذائية”؛ وتتحدث في مضمونها عن مسببات ومصادر التسمم الغذائي والأعراض والوقاية والتعامل مع الغذاء، وكذلك الأسلوب الصحي الأمثل في حفظ الأطعمة الطازجة والمبردة والمجمدة وكذلك كيفية تجهيز وتداول الأطعمة وأن يكون هناك جسر تواصل مباشر للمستهلك مع الأجهزة المعنية (وزارة الصحة، وزارة البلديات، هيئة الغذاء والدواء ، ومركز الصحة العامة) في حال ضبط أو اكتشاف مخالفات أو تجاوزات أو استفسار فيما يتعلق بالمنشآت الغذائية والصحة العامة.
نسأل الله السلامة والعون والتوفيق والسداد للجميع.