| كيف نصلح “المدير”؟|
قدرة المدير على جعل الأمور في نصابها الصحيح ليست مهارة فطرية «لا أحد يولد وهو مدير»؛ بل يمكن تعلُّمها و تكتسب بالممارسة؛ و ممارسة الإدارة تتطلب توفر مؤهلات معينة لكنها أيضاً تحتاج تعلُّم بعض الضوابط الإدارية التي تعمل كأدوات تُوسِّع من دائرة مهارات المدير وتُمكِّنه من تحقيق انجازات كبيرة لم يكن ليحققها بدون هذه الضوابط.
المقدمة السابقة أشار إليها Jim Burkett في كتابه بعنوان:
(The Learned Disciplines Of Management)
والمؤلف من خبراء إدارة التغيير على مستوى العالم؛ حيث استطاع من خلال ترأسه لشركته الاستشارية أن يُجري تحولات كبيرة في شركات متعثرة في الولايات المتحدة الأمريكية وكندا و أوربا، استطاع خلال الخمسة والثلاثين عاماً الماضية أن يساعد 28 من الشركات ذات الأداء الضعيف على إجراء تحولات كبيرة فيها، وتحويلها إلى شركات كبيرة بواسطة تطبيق و ممارسة “الضوابط الإدارية القابلة للتعلُّم”.
يشير المؤلف إلى أن مجموعة أدوات المدير التي في جعبته قد تكون تقنيات إدارية وصلت إليه من سلفه، أو أساليب إدارية مررها إليه رئيسه. لكن السؤال يظل قائماً: هل هي الأدوات المناسبة؟ هل هي الأدوات التي تجعل المدير كفؤا بحيث تمكنه من جعل الأمور في نصابها الصحيح؟ بعبارة أخرى هل مجموعة أدوات المدير تضم الضوابط الإدارية السبعة؟ يقول إن مجموعة أدوات المدير يجب أن تضم الأدوات التالية:
- التخطيط : تحديد الأهداف المناسبة والوسائل الضرورية لتحقيق تلك الأهداف.
- التنظيم : ترتيب طريقة أداء النشاطات بالكيفية التي تؤدي إلى تعظيم النتائج وتقود إلى الاستخدام الأمثل للموارد.
- قياس الأداء : قياس مدى جودة أداء النشاطات، وإدراك أن ما يمكن قياسه يمكن إدارته ويمكن إنجازه.
- التنفيذ : تنفيذ النشاطات الرئيسة والتأكد من أدائها وإنجازها بصورة مُرضية.
- المتابعة : التثبت من/ وتعزيز النتائج الأدائية الممتازة من خلال التغذية العكسية وانتظام الأنشطة ومساءلة المرؤوسين.
- تقديم التقارير في الوقت الصحيح : نشر معلومات الأداء الآنية في جميع أنحاء المنظمة لتسهيل عملية جعل الأمور في نصابها الصحيح.
- حل المشكلات : استخدام التغذية العكسية لتحديد ومعرفة المشكلات وحلها.
يقول المؤلف إن هذه المبادئ قد تمت ممارستها واختبارها والتحقق من فعاليتها وإن ممارستها بصورة ماهرة هو سر الفعالية الإدارية والنجاح للمدير.
الضابط الإداري الأول الذي يُمكن تعلُّمه هو التخطيط. إن التخطيط الفاعل يجب أن يجيب عن سؤالين حيويين هما: ما هي أهداف الشركة أو المنظمة؟ وما هي الوسائل المعينة على تحقيق تلك الأهداف؟ إن التخطيط هو أداة يشبه إلى حد بعيد المخَطَط البنائي؛ فالمخَطَط البنائي يرسم أهداف المشروع ويحدد أفضل الوسائل المعينة على تنفيذه. هذه العناصر تجعل الخطة قابلة للتنفيذ، وتعمل على توجيه وإعلام وإرشاد الإدارة لتحقيق نتائج ناجحة.
الشركات المتعثرة مالياً يكون سبب تعثرها في كثير من الأحيان هو وصولها إلى أهداف مخططة بصورة خاطئة. وهذا يحدث عندما «تصارع» الإدارة من أجل البقاء، فعندما تفشل خطتها تحاول تجريب أخرى. وعندما تقوم بسن تلك التغيرات في الخطط يحدث التسويات أو الحل الوسط، ويزداد ضعف كل خطة ويقل مستوى طموحها عن سابقتها. هذه العملية تزيد من تدهور الفعالية الإدارية والأداء، وتزيد من تعريض مستقبل الشركة للخطر.
يتطلب التخطيط الفعّال من الإدارة أن تضع الأهداف الصحيحة؛ فهي الملجأ الوحيد لها. ما لم يتم حشد الشركة او المنظمة تجاه الأهداف الصحيحة ستسير الجهود في الاتجاه الخاطئ وستُهدر الموارد.
لا يجب فقط أن تكون أهداف الخطة صحيحة ولكن أيضاً يجب أن تكون محددة وقابلة للقياس. التحديد يتطلب الصرامة الإدارية في الوصول إلى التفاصيل الدقيقة للأهداف. عدم التحديد هو أحد أسباب إعاقة التقدم نحو تحقيق أهدافها. الأهداف الغامضة تجعل الخطة غير قابلة للقياس مما يُصعِّب عملية إدارتها. قابلية القياس تعزِّز من قابلية المرونة، وتعتبر حاسمة في الوصول إلى أهداف الخطة (ووسائلها).
الخطة الفاعلة تضع أساس نجاح الإدارة لكونها تضع الأهداف بصورة سليمة، وتُحدِّد بشكل سليم الوسائل المعينة على بلوغ تلك الأهداف وجعلها محددة وقابلة للقياس.
الضابط الثاني القابل للتعلم هو التنظيم. من خلال ممارسة التنظيم يتم تعزيز ترابط حيوي بين الأهداف والموارد الضرورية لإنجاز تلك الأهداف.
تقوم المنظمات والشركات بعملية التنظيم بطريقتين: الأولى أنها تتأكد من أن الموارد المطلوبة متاحة وبالتالي يمكن أداء النشاطات الرئيسة بنجاح. الثانية يتم تنظيم النشاطات لضمان استخدام الموارد بكفاءة وفاعلية. عندما يتم تنفيذ هذين الجانبين التنفيذيين تكون النتيجة هي تعظيم الموارد والنتائج؛ مما يساهم في عملية وضع الإدارة الأمور في نصابها الصحيح.
التنظيم من العمليات المدروسة والمثيرة و التي تستهلك الوقت. نقطة انطلاقها هي معرفة كل الأنشطة التي يجب أداؤها لبلوغ الأهداف. بمجرد تحديد هذه الأهداف؛ يجب أن تكون مفهومة تماماً للجميع. فقط بعد تحديد النشاطات وفهمها تستطيع الإدارة تقييم ما إذا كانت هذه الأنشطة تعظِّم الموارد والنتائج أم لا. إذا حدّدت الإدارة أن هذه الأنشطة لا تعظِّم الموارد والنتائج، عندها عليها أن تعمل على تنظيمها على نحو أمثل.
قد تبدو للوهلة الأولى صعوبة تنفيذ هذه الأوامر. لكن ـ لحسن الحظ ـ هذه العملية يتم بلوغها تدريجياً شيئاً فشيئا؛ً مما يُسهِّل عملية السيطرة عليها.
إن الأهداف تتحقق عن طريق وسائلها التي وضعتها لهذا الغرض. هذه الوسائل تتكون من مختلف الأنشطة التي يجب أداؤها بنجاح. عليه؛ يتعيَّن على الإدارة أن لا تكتفي فقط بمعرفة هذه الأنشطة، ولكن أيضاً تجزئتها وصولاً لمختلف الخطوات والعمليات والإجراءات والموارد المطلوبة لإتمام إنجاز هذه الأنشطة بنجاح.
قبل الفهم التام للأنشطة وتقييمها يجب في البدء معرفتها. على سبيل المثال إذا كان هناك هدف لتحقيق نمو في المبيعات بنسبة 10% فإن أداء مزيد من مكالمات المبيعات يكون هو النشاط المتعارف عليه. وإذا كان الهدف هو تحصيل مستحقات لدى الآخرين والتي مرَّ عليها أكثر من 60 يوماً؛ فإن إجراء اتصالات هاتفية مع تلك الجهات المتأخرة في الدفع يكون هو النشاط المطلوب. كل نشاط من هذه الأنشطة له مكونات مختلفة يجب تحديدها. القيام بإجراء مزيد من المكالمات الهاتفية يستلزم اختيار العملاء المحتملين، وتعيين وتنفيذ مواعيد هذه المكالمات، وتقديم مقترحات المبيعات، ومعالجة طلبات العملاء، وتحديد ما إذا كان لدى مندوب المبيعات وقتً إضافي للقيام بهذه الخطوات أم لا.
في كثير من الأحيان يكون التعرف على النشاطات عملية بسيطة؛ ولكن بعض الحالات تجعل منها عملية معقدة. من الصعب التعرف على النشاط الذي لم يتم إنجازه والذي ينبغي إنجازه، وذلك لأن النشاط الذي لم يتم إنجازه لا يمكن ملاحظته؛ مما يجعل التعرُّف عليه عملية صعبة. لحسن الحظ أن النشاط الذي لم يتم إنجازه يفضي إلى عواقب يمكن ملاحظتها وبالتالي يجعل من عملية التعرف عليها ممكنة.
بمجرد التعرف على كل الأنشطة وتحديد عملياتها المختلفة وفهمها فهماً تاماً؛ نقوم بتقييم مدى تنظيمها بصورة أمثل من عدمه. تقييم مدى تنظيم نشاط ما يضمن أن الموارد تم ترتيبها وتنسيقها بالكيفية التي يتم بها أداء النشاط بصورة ناجحة، وتضمن أن الموارد الموظفة تُستخدم بكفاءة وفاعلية.
في عملية تنظيم نشاط ما من المفيد أن نطرح السؤال «لماذا؟» لماذا هذا النشاط قد تم تنظيمه وأداؤه بتلك الطريقة؟. على سبيل المثال: لماذا لم يتم أداء هذا النشاط بطريقة أكثر ذكاءً أو بطريقة أسرع أو أفضل أو أقل تكلفةً؟ إن طرح السؤال «لماذا؟» لا يساعد الإدارة فقط على تقييم كيفية تنظيم وأداء النشاط المعين؛ ولكن أيضاً يساعد على تحديد كيف ينبغي أن يتم تنظيمه وأداؤه.
النشاط الذي يتم تنظيمه بصورة مثالية يعظِّم النتائج والموارد. وفي المقابل النشاط ضعيف التنظيم يستهلك المزيد من الموارد ونتائجه أقل، في حين أن النشاط المنظم بصورة جيِّدة يستخدم موارد أقل، وفي الوقت نفسه يفضي إلى نتائج أكبر. نستطيع أن نلاحظ هذا في عملية تقييم السيارات؛ فالسيارة التي تقطع 40 ميلاً بجالون بنزين واحد تأخذ تقييماً جيِّداً ( تعظيم الموارد) في حين أن السيارة التي تقطع مسافة 7 أميال بجالون بنزين واحد تُقيَّم أنها أقل كفاءة ( تُخفِّض من قيمة الموارد).
تعظيم الموارد ( الأفراد، المعدات، المواد، الإمدادات…إلخ) هو ما تقوم به الإدارة الفاعلة. عليه؛ فإن النشاطات الفردية (التفاعلات بين النشاطات المتكاملة) يتم تحليلها وتقييمها لتحديد مدى كفاءة وفعالية استخدامها للموارد.
إن الانضباط في التنظيم يركِّز على كل من الكفاءة وكفاءة استخدام الموارد على حد سواء؛ لأنه من الممكن أن نستخدم الموارد بكفاءة ولكن قد نفشل في كفاءة تحقيق النتائج المرجوة من النشاط المعين، وكذلك من الممكن أن يحقق النشاط النتائج المرجوة لكن بطريقة غير فعالة؛ مما يقود إلى إهدار الموارد.
تقوم الإدارة بقياس وتحليل وتقييم مدى جودة تنظيم كل نشاط باستخدام قياسين اثنين هما: الكفاءة والفعالية. إذا لم يُعظِّم النشاط النتائج والموارد فيجب إعادة تنظيمها. يجب الوضع في الاعتبار أنه خلال عملية التنظيم من الحيوي الميل تجاه الموارد الأكثر قيمة.
التنظيم الفعَّال ينجم عنه تعظيم الموارد الداخلة في النشاط المعين والنتائج التي تحققها. عندما يتم تنظيم النشاطات بصورة مثالية فإنها تساعد على بلوغ أهداف الشركة أو المنظمة.
قياس الأداء عملية حيوية للإدارة التي تعمل على إنجاز الشيء الصحيح. إنها ممارسة تسمح للإدارة بتقييم الطريقة التي تم بها تنظيم وأداء النشاطات وقياس نتائج تلك التنظيمات والأنشطة.
إن قياس الأداء يمنح المدير تغذية مرتجعة فورية وموضوعية وواضحة؛ للدلالة على مدى كفاءة وفعالية أداء النشاط المعين. في ظل هذه المعلومات عن الأداء تقوم الإدارة بإعادة تنظيم النشاط الذي تم أداؤه بصورة ضعيفة؛ وبالتالي يتم اتخاذ الإجراء المناسب حياله وتصحيح الوضع في الوقت المناسب.
فيما يأتي ثلاثة أساليب لقياس الأداء:
- قياسات الأداء المستندة على الوقت :
هذه القياسات تُحدِّد الوقت (عادة بالدقائق) الذي يتطلبه إنجاز نشاط معين بصورة مثالية. مثلاً؛ يشير مقياس الأداء المستند على الوقت إلى عدد الدقائق التي يحتاجها موظف لمعالجة أمر أحد العملاء، أو عدد الدقائق التي يحتاجها الموظف لتجميع منتج معين.
- قياسات الأداء المستندة على النتائج :
هذه القياسات تحدد عدد النتائج المثالية التي يحققها نشاط معين. وهذا يوضع في العادة في السياق الزمني؛ على سبيل المثال؛ مقياس الأداء المستند على النتائج يشير إلى عدد الوحدات (النتائج) التي تنتجها آلة معينة في ساعة، أو عدد مكالمات المبيعات (النتائج) التي يؤديها مندوب المبيعات في اليوم.
- قياسات الأداء العلائقية :
هذه القياسات تُظهر كيف يرتبط بصورة مثالية مقياسان أو أكثر من مقاييس الأداء، توصف في شكل نسبة أو ناتج أو كمية نسبية أخرى ذات صلة. مثلاً؛ عدد الوحدات المُنتجة التي بها عيوب بالمقارنة مع إجمالي عدد الوحدات المُنتجة توضح لنا معدل جودة الأداء، أو عدد الدقائق التي يتطلبها بالفعل إنجاز نشاط معين مقارنة بعدد الدقائق التي ينبغي أن يتم إنجازه بها.
لماذا لا يُمارس قياس الأداء؟
برغم المنافع الكبيرة لعملية قياس الأداء إلا أنها لا تُمارس على نطاق واسع! ربما يكون السبب الرئيس وراء عدم ممارسة قياس الأداء هو عدم تقدير وملاحظة مميزاتها؛ وبالتالي تُستبدل بها مناهج شائعة أخرى؛ مثل المعلومات المحاسبية أو الاحصاءات البسيطة للنشاطات أو الوقت الصناعي أو دراسات الحركة، وهي بدائل غير كافية في أفضل الأحوال. على عكس هذه المناهج يتم تصميم قياس الأداء لتقييم الخصائص الفريدة لنشاط ما، وهذا ينجم عنه الحصول على تغذية مرتجعة مدروسة عن الأداء تكون واضحة وفورية وموضوعية.
السبب الآخر لعدم ممارسة قياس الأداء هو أنه يتم النظر إليه على أنه عملية صعبة. تصوُّر صعوبة قياس الأداء يكمن في التغلب على الدلالات السلبية التي تحيط عملية قياس الأداء. بالإضافة إلى بعض المفاهيم السلبية الشائعة تتضمن:
- يُعامِل قياس الأداء الأفراد على أنهم “تروس” في آلة. إنها معاملة قاسية وغير إنسانية.
- تستغل الإدارة قياس الأداء بطريقة استبدادية وتحمِّل الموظفين أعباء فوق طاقتهم.
- تقيس الإدارة الأداء لأنها لا تثق في دوافع ونوايا مرؤوسيها.
- ليس من الممكن القياس الدقيق لمدى جودة أداء الأنشطة.
- قياس الأداء هو منهج إداري جامد وغير واقعي.
- قياس الأداء مقابل شيء مثالي يولد توقعات غير واقعية.
قياس الأداء ينبغي أن تكون مستمرا يقيس كمياً ونوعياً الكيفية التي يتم بها أداء الأنشطة. إنها عملية تكشف أداء الفرد وتزيل الادعاء وعدم الكفاءة واللامبالاة. ليس مستغرباً أن يتم تهديد عملية قياس الأداء لكونها تفضح أصحاب الأداء الضعيف من المديرين والمرؤوسين.
كيفية قياس الأداء؟
الخطوة الأولى هي ابتكار قياس مثالي للأداء لكل نشاط. إن عملية استنباط مقياس مثالي للأداء هي عملية بسيطة للغاية؛ إنها تستلزم قياس ذلك النشاط الذي تم أداؤه بصورة مثالية (أي باستخدام أفضل الممارسات، وفي الوقت نفسه عدم مواجهة أية مشكلات). يتم قياس ذلك النشاط (باستخدام الوقت والنتيجة والقياسات العلائقية) لاستنباط قياس أداء مثالي.
مقاييس الأداء المثالية هي اللبنة الأساسية التي تستخدمها الإدارة لمعرفة مدى الكفاءة والفاعلية التي تم بها أداء ذلك النشاط.
كقاعدة عامة كلما كثُرت الملاحظات كلما كان ذلك أفضل. جمع مزيد من الملاحظات لا يجعل النموذج أكثر دقة فقط؛ ولكنه أيضاً يوفر تبصرات قيِّمة عن كيف يُؤدى وكيف ينبغي أن يؤدى النشاط.
في بعض الأحيان يكون من غير الممكن تبني قياسات أداء دقيقة، وهذا تحد خصوصاً عندما يعرف المرؤوسون أن أداءهم سيخضع للقياس، ويكونون غير مرتاحين مع الممارسة أو يعارضونها. في هذه الحالات من الضروري طلب المساعدة من رئيس القسم، وهذا يتطلب أن يكون كل من المدير والموظف قادرا وراغبا في أداء النشاط حتى يتم الحصول على مقاييس أداء دقيقة.
اشتقاق مقياس للأداء عملية تستلزم أن يتم أداؤها بصورة صحيحة منذ الوهلة الأولى. ولكن الجزء الآخر من العملية هو الاستخدام الفعلي للقياسات؛ وبذلك يتم التأكد من صلاحيتها من عدمه. ومن أجل إضفاء المصداقية من المهم محاولة جعلها دقيقة بقدر الإمكان، لكن عندما لا يحدث هذا يجب إدراك أنه من السهل التصحيح فيما بعد أثناء العملية.
بمجرد تجهيز مقاييس الأداء من الأفضل تعيين أحدهم ليكون مسؤولاً عن إدارتها. ويجب مراجعة القياسات الحالية والتحقق من صحتها وعند الضرورة تصحيحها. أيضاً تغيير الأنشطة يتطلب اشتقاق قياسات جديدة.
إن إدارة مقاييس الأداء هي عملية مستمرة لا تتوقف.
التنفيذ هو تجسيد لعمل الإدارة. يتطلب التنفيذ أن يتخذ المدير إجراءات ملموسة لإنزال الأهداف إلى أرض الواقع. والإجراءات الملموسة في التنفيذ تتضمن التأكد من أن كل الأنشطة الحيوية قد تم أداؤها وإكمالها بصورة مُرضية، والتأكد من أن الموظفين قد أدوا الأنشطة الموكلة إليهم على نحو مثالي، والتأكد من تمكين الموظفين من التغلب على المشكلات التي تواجههم. والنتائج الملموسة للتنفيذ الفاعل هي أن الإدارة تجعل الأمور في نصابها الصحيح.
التنفيذ ليس فقط ضابطا إداريا حتميا ولكنه محوري أيضاً. حيث يضع التخطيط و التنظيم و قياس الأداء الأساس للتنفيذ، والتنفيذ في المقابل يمهد الطريق للضوابط التالية: المتابعة، وتقديم التقارير في الوقت المناسب، وحل المشكلات.
التنفيذ عملياً هو بسيط بالمفهوم والمطلب. ومن ناحية المفهوم يستلزم تنفيذ كل الأنشطة التي تحقق الأهداف، وممارستها تقتضي معرفة أن أداء هذه الأنشطة ليس عشوائيا؛ بل تم إسنادها منهجياً إلى أولئك المسؤولين عن أدائها.
بالتالي يكون التنفيذ هو الضابط ذا التفاصيل الدقيقة. بالتنفيذ يتم تحقيق الأهداف عن طريق ربط النتائج المرغوب فيها بالأنشطة التي تُثمرها تلك النتائج، وهذا يجعل التنفيذ حتمياً و مُتوقعاً وإلزامياً. فهو حتمي لأنه يحدد ويُعيِّن أنشطة معينة ليتم إنجازها، ومتوقع لأنه يتوقع أن يتم أداء كل الأنشطة التي تم تحديدها وتعيينها على أكمل وجه، و إلزامي لأنه يُحمِّل من يؤدي الأنشطة مسؤولية أدائها بصورة ممتازة.
بالنسبة للبعض لا يتم تفعيل دور التنفيذ لأنها تستخدم وسائل أخرى غير كافية بدلاً من التنفيذ. فعلى سبيل المثال تستخدم الإدارة الاتصال على نحو شائع كوسيلة لتنفيذ أهدافها. في الشركات والمنظمات التي لها مثل هذه الإدارة يعتقد مديروها أنهم إذا قاموا بالتشديد على رؤية الشركة او المنظمة ورسالتها وقيمها فإن هذه الخصائص المتكررة ستعمل على تحديد الكيفية التي يتم بها أداء الأنشطة. ولا تزال تعتمد على ضوابط إدارية غير مكتملة تأمل أن يمكن هذا مديريها من تنفيذ الأهداف المطلوبة .
لا بديل عن التنفيذ الفاعل إلا التنفيذ الفاعل الذي يستلزم تطوير قائمة تدقيق للتحديد والمساعدة على تنفيذ الأنشطة الأساسية، وإسناد الأنشطة بشكل صحيح للمناط بهم أداؤها، وإشراك الموظفين في أداء المهام الموكلة إليهم بصورة مثالية، وتمكين الموظفين من التعامل مع المشكلات التي تعيق أداءهم.
تطوير قائمة للتدقيق
لا يمكن ترك تنفيذ الأنشطة الرئيسة للصدفة، لذلك يتعيَّن على الإدارة ضمان أن كل الأنشطة الرئيسة يتم أداؤها وإكمالها بصورة مُرضية. ولضمان حدوث هذا على الإدارة تطوير قائمة للتدقيق.
قوائم التدقيق هي أدوات أساسية تُستخدم في التحديد والمساعدة على تنفيذ الأنشطة. وقوائم التدقيق متنوعة فمنها البسيطة المستخدمة في الطبخ (وصفة) وأخرى معقدة كتلك المستخدمة لتشغيل المفاعلات النووية (قوائم المفاعلات النووية). الغرض من قوائم التدقيق هو التأكد من أن كل الأنشطة الأساسية سيتم تنفيذها لضمان أن تنفيذها لا يتم بصورة عشوائية. بالنسبة للذين يؤدون الأنشطة فإن قائمة التدقيق تُعلِمهم وتُوجههم وتُذكِّرهم وتُسجِّل جهودهم، أما بالنسبة للذين يديرون الأنشطة فإن قائمة التدقيق تُسجِّل الكيفية التي يتم بها أداء وتسهيل المتابعة وتقديم التقارير في الوقت الحقيقي وحل المشكلات للأنشطة المعيَّنة.
قائمة التدقيق المطوَّرة تُستخدم لتسهيل الجانب الثاني من جوانب التنفيذ ألا وهو التكليف الرسمي لأفراد معينين أداء أنشطة معينة. هذه العملية تعتبر خطوة حاسمة؛ وذلك لأن المدير عندما لا يكون قادراً أو يكون غير راغب في إجراء تعيينات محددة رسمية للموظفين؛ فإن ما يُثمره أداء النشاط المعين يكون غير مؤكد وغير مُتوقع. وهذا لا يُعتبر تنفيذاً فاعلاً بل مجرد تمنيات.
وبدلاً من ذلك؛ يتطلب التنفيذ الفاعل من الإدارة أن تقوم بتعيين المهام بشكل رسمي؛ بأن تطلب من موظف معين أداء أنشطة معينة باستخدام قائمة التدقيق التي هي بمثابة وثيقة رسمية تثبت أن الأنشطة قد تم تعيينها والتكليف بها.
إشراك وتمكين الموظفين
الجانب الثالث من جوانب التنفيذ الفاعل هو إشراك الإدارة للموظفين لأداء مهامهم بصورة مثالية. والإعتراف بمدى أهمية أن نوصِّل للموظفين الكيفية التي ينبغي لهم أن يؤدوا بها الأنشطة. ومن خلال قياس الأداء تستطيع الإدارة أن تحدد كمياً ونوعياً الكيفية التي يتم بها أداء كل نشاط بصورة مثالية، وإشراك الموظفين لتحقيق ذلك فهو دور المدير.
بلوغ الأداء المثالي ليس سهلاً أو ممكناً دائماً، ومع ذلك فإن إشراك الموظف لبذل الجهد هو دور المدير؛ أي أن يجعله يسعى لأداء المهام الموكلة إليه بصورة مثالية.
إن لإشراك الموظفين تأثيرا حماسيا على الأداء، ومع ذلك فإن استدامة هذا الجهد تتطلب أن يقوم المديرون بتمكين موظفيهم لأنهم ـ الموظفين ـ حتماً ستواجههم معضلات عند محاولتهم أداء الأنشطة الموكلة إليهم بصورة مثالية. عندما تواجه الموظف مشكلات فإن من المتحتم عليه أن يبادر بتحديد المشكلات حتى يتم تحقيق النتائج المرجوة من الأداء.
التمكين يعني المعرفة الوثيقة التي في جعبة الموظفين التي تعينهم على أداء الأنشطة الموكلة إليهم. وهذا يمنحهم فرصة فريدة للاستجابة بشكل مناسب للمشكلات، وفرصة لا تتاح للإدارة. تمكين الموظفين من اتخاذ الإجراءات المناسبة لها أشكال متعددة: فهي قد تعني حل المشكلة، أو التخفيف من وطأة المشكلة، أو إشراك من هم أفضل في حل المشكلة.
إن التمكين يدعو الموظفين لاستلام زمام المبادرة، ويطلب منهم المشاركة في تعيين المشكلات التي تقف أمام أدائهم. وهذه الدعوة تتضمن معاملة الموظفين كزملاء كرام، وإنها تعني أن تعمل الإدارة مع موظفيها لتحسين الأداء.
الموظف المُمكَّن يعالج المشكلات، في حين أن الموظف غير المُمكَّن يقبل بتلك المشكلات.
الكثير من المديرين يتوقفون عند مرحلة التنفيذ مفترضين أن «عملهم» ينتهي عند هذا الحد، فهم يفترضون أن النشاطات المكلَّفة للأفراد المعينين سيتم أداؤها وإنجازها كما ينبغي. لكن هذا المفهوم أبعد ما يكون عن الإدارة، فالنشاطات لا يتم إنجازها ولا إكمالها دائماً بالصورة المطلوبة، وبالتالي على الإدارة أن تتابع بفاعلية النشاطات التي عينتها لضمان بلوغ نتائج الأداء المتوقعة.
عندما يتابع المدير فإن ذلك يفضي إلى أربعة منافع أساسية: أولاً يتم الحصول على تغذية مرتجعة عملية، وثانياً تنظيم النشاطات لتحقيق النتائج المتوقعة، وثالثاً ترسيخ التعاون بين الأفراد وتعزيز روح المساءلة، ورابعاً تعزيز مبدإ جعل الأمور في نصابها الصحيح.
توليد تغذية مرتجعة عملية :
يتابع المديرون النشاطات التي تم تعيينها ليتأكدوا من مدى جودة أدائها ولتصحيح المسار عندما لا يكون الأداء بالمستوى المطلوب. التقييم الصحيح للأداء يتطلب من المديرين توليد وجمع تغذية مرتجعة عملية (التغذية المرتجعة العملية يمكن أن تكون كذلك من مصدر ثانوي مثل التقارير والسجلَّات). التغذية المرتجعة العملية هي معلومات الأداء التي تسمح للإدارة بالتقييم الكمي والنوعي للأداء، واتخاذ الإجراء المناسب لجعل الأمور في نصابها الصحيح.
التغذية المرتجعة العملية ليست في مصلحة الإدارة فقط ؛ بل أيضاً في مصلحة الموظفين عندما «يدلون» بتغذية مرتجعة حقيقية ودقيقة وموثوق بها وفي الوقت المناسب. يجب جمع التغذية المرتجعة بصورة فورية عند أداء العمل وليس كما هو شائع عند تقييم أداء الموظف كل ستة أو 12 شهرا باستخدام مراجعات الأداء المهينة للموظف.
تكون التغذية المرتجعة ذات معنى وعادلة عندما يتم الحصول عليها على مدار ساعات العمل؛ والتي عندها يكون من السهل استيعابها وتطبيقها مباشرة على الأنشطة. هذه الجداول الزمنية تمكِّن المدير من التصديق على الأداء الجيِّد وتصحيح الأداء السيئ؛ حيث يتم تصحيح الأداء السيئ مباشرة بمجرد تحديد المشكلات، وبناءً على ذلك يتم تعزيز الأداء؛ لأن المشكلات «تُحاصر» من التفاقم والانتشار.
غرس التعاون وتعزيز روح المساءلة :
تغرس المتابعة وتعزِّز في نفوس الموظفين والإدارة روح التعاون والمساءلة. يتم تشجيع التعاون بين الموظفين عندما يتفاعل المدير والموظف أحدهما مع الآخرعندما تراجع الإدارة باستمرار وتناقش أداء الموظف. الإدارة هي مهنة موجهة للأفراد تتطلَّب من المديرين العمل مع وعبر الأفراد لجعل الأمور في نصابها الصحيح. المتابعة تؤسس منصة قوية تتفاعل بها الإدارة باستمرار مع موظفيها بدعم وتشجيع الأنشطة التي يؤدونها.
عمليات المتابعة:
عملياً يجب إجراء المتابعة على النحو التالي:
- توليد وجمع تغذية مرتجعة عملية. الاستمرار في استخدام قائمة تدقيق الموظف لمعرفة الأداء الفعلي له.
- عندما يؤدي الموظف أداءً مثالياً فإنه يستحق الحصول على ثناء ومدح.
- عندما لا يحقق الموظف الأداء المثالي يجب إجراء حوار بينه وبين مديره. هذا الحوار يولد مزيدا من التغذية المرتجعة العملية.
- المتابعة يجب إجراؤها في كل ساعتين إلى ثلاث ساعات (يمكن توسيع المدى إلى كل أربع أو خمس ساعات إذا كان إنجاز الأنشطة يستغرق فترات أطول).
- جلسات المتابعة يجب أن تكون موجزة ولا تدوم أكثر من بضع دقائق.
- عند توصيل نتائج الأداء من المهم التشجيع على تعاون الموظفين.
- طمأنة الموظفين أن هدف الجلسة ليس هو التلاعب والانتقاد والسيطرة بقسوة على أدائهم؛ ولكن بالأحرى لتحديد بناء المشكلات التي تؤثر على أدائهم.
الضابط السادس : تقديم التقارير في الوقت الصحيح
التغذية المرتجعة المقدمة في الوقت الصحيح (المناسب) لها قوة لا تضاهى في إزالة طبقات الجهل و الخمول و عدم الكفاءة والتشويش والتمويه والتناقض. المدير الكفء يُسخِّر هذه القوة لمصلحة العمل. يتجنب المدير الناجح الاعتماد على المظاهر؛ بل يستخدم بدلاً من ذلك معلومات الأداء الفورية لتبيين الواقع حتى يتمكَّن من اتخاذ الإجراء المناسب.
تقديم تقارير فورية أصيلة أو في الوقت الحقيقي يبرز عبر متابعة الإدارة. خلال المتابعة تقوم الإدارة بتوليد وتجميع تغذية مرتجعة عملية تصف الكيفية التي تم بها أداء النشاط. هذه التغذية المرتجعة الفورية هي حقيقية ومناسبة. توقيتها نابع من كونها جُمعت في اللحظة التي يتم فيها أداء النشاط، وبعدها يتم تبادلها فوراً مع الموظفين والإدارة.
هناك تمييز مهم يجب الانتباه إليه وهو أن تقارير الوقت الحقيقي ليست معلومات محاسبية، فالمعلومات المحاسبية لا تستخدم لإدارة الأداء؛ فالمحاسبة لها استخدامات أخرى كالتخطيط المالي وقياس الربح والخسارة والتكاليف…إلخ. برغم أهمية هذه المعلومات المحاسبية في الناحية المالية إلا أنها تعتبر غير ملائمة لإدارة الأداء.
الميزات الست لتقارير الوقت الحقيقي:
- تنشر معلومات الأداء: وهذا يحدث عندما تستلم الإدارة معلومات الأداء التي تم جمعها ونقلها بشكل فعَّال لهؤلاء الذين يمكنهم استخدامها لجعل الأمور في نصابها الصحيح.
- تُنشئ اجتماعات المتابعة: في هذه الاجتماعات يتم تبادل معلومات الأداء مع الطرف المناسب عبر موجز أداء يومي وموجز أداء أسبوعي.
- تُديم الأداء المثالي: تقارير الوقت الحقيقي تجعل نتائج الأداء المثالي هي تركيز الشركة الثابت والذي لا مفر منه. هذا التركيز يؤثر على كيفية تنفيذ النشاطات؛ لكون الأفراد والمديرين يمنحون معلومات أداء في الوقت الحقيقي لتقييم مدى بلوغ الأداء المثالي. مع مرور الوقت من خلال هذا التركيز يصبح الأداء المثالي روتيناً.
- تربط ممارسة الضوابط الإدارية القابلة للتعلم بعضها ببعض: هذا الترابط يحمي ثبات واتساق ممارسة الضوابط القابلة للتعلم، وينجم عنه أن الإدارة تفعل الشيء الصحيح.
- تُحدِّد أفضل الممارسات: إن القدرة على بلوغ الأداء المثالي في الغالب تؤدي إلى غياب المشكلات، وتؤدي إلى استخدام أفضل الممارسات. إن أفضل الممارسات تقود إلى أفضل نتائج الأداء، و عندما يتم هذا فإن أفضل الممارسات يمكن أن تُنفذ بصورة واسعة لإدارة النشاطات المعينة بصورة مثالية.
- تُسهِّل من عملية حل المشكلات: معلومات الأداء المكتوبة في الوقت الحقيقي يتم تقييمها لإثبات حل مشكلة معينة. تقارير الوقت الفعلي توفر كذلك تغذية مرتجعة لتحديد ما إذا كان الحل قد تسبب في مشكلات أخرى أم لا.
حل المشكلات ليس بالعملية السهلة كما يعتقد الكثيرون. إن التحديات الكامنة والمتأصلة في كفاءة حل المشكلات هي أولاً معرفة المشكلة حال ظهورها، وبعدها تحديد ماهية المشكلة.
الصعوبة في معرفة وتحديد المشكلات يمكن تشبيهها بالمستنقع، فتحت المياه العكرة للمستنقع ترقد العوائق المخفية والخطرة. إنه بمثابة ملاذ «آمن» للطفيليات والمفترسات التي تستغل الفرصة بأنها غير مرئية وغير مكبلة.
حتى تحل الإدارة المشكلات بكفاءة عليها في البدء أن تعرف وتحدِّد هذه المشكلات، وحتى تفعل ذلك عليها أن تُجفف ذلك المستنقع. إن الممارسة المنهجية للضوابط الإدارية القابلة للتعلم كفيلة بتجفيف ذلك المستنقع. إنها تمنح الإدارة القدرة على حل المشكلات، وتمكِّنها من جعل الأمور في نصابها الصحيح. بعد كل شيء فإن حل المشكلات هو ما تقوم به الإدارة الفاعلة، وذلك لتعزيز كفاءتها وضمان نجاحها. إن كفاءة حل المشكلات تشمل خمس ممارسات جوهرية هي:
- معرفة وتحديد وفهم المشكلة.
- تحديد ما إذا كانت المشكلة تستحق البحث عن حل لها أم لا.
- تحديد أي الحلول يجب تبنيها.
- اتخاذ الإجراءات المناسبة لحل المشكلة.
- مراقبة ما إذا كانت المشكلة قد حُلت أم لا.
عن طريق الاستمرار في طرح السؤال: لماذا ظهرت المشكلة؟ يحصل المدير على فهم أعمق لها، وحالما يتم هذا الفهم تكون الإدارة جاهزة لتحديد ما إذا كانت المشكلة تستحق حلها أم لا.
ليست كل المشكلات تسحق أن نبحث لها عن حلول، برغم أن هذا قد يثير الاستغراب؛ لكن من المفارقات أن هناك حلولاً لمشكلات تكلف أكثر من المشكلة نفسها، وهناك حلول مزعجة أكثر من المشكلة نفسها. ولذلك يجب أن تحدِّد الإدارة ما إذا كانت تكلفة المشكلة ونواتجها مقنعة بما فيه الكفاية للبدء في إيجاد حل لها أم لا.
بعد التأكد من أن المشكلة تستحق أن نجد لها حلاً؛ على الإدارة عندها أن تعمل للوصول إلى حل جدير بالتنفيذ. في العادة يظهر أكثر من حل للمشكلة الواحدة، لذا يجب التدقيق لتحديد أيهما أنسب. ويتكون اتخاذ الإجراءات المناسبة لحل المشكلة من ست مراحل رئيسة:
- التحديد الواضح للإجراءات التي يجب اتخاذها.
- قياس الإجراءات.
- ترجمة الإجراءات إلى خطوات قابلة للتنفيذ.
- تحديد خطوات التنفيذ.
- وضع موعد نهائي معين لتنفيذ تلك الخطوات.
- متابعة المواعيد النهائية لضمان إنجازها وقت الاستحقاق.
إن التأكد من أن المشكلة قد حُلت يتطلب أيضاً المراقبة لضمان اتخاذ الإجراء الصحيح والمناسب، وفي بعض الأحيان تظهر نتائج غير مقصودة، وفي أحيان أخرى يكلف الحل أكثر مما هو متوقع، وأحياناً قد لا ينجح الحل الذي تم اعتماده، ولذلك ومن خلال المراقبة المستمرة تتم ملاحظة هذه النتائج المحتملة ومعالجتها.
حل المشكلات هو من أهم الضوابط الإدارية القابلة للتعلم، وممارسته تُكمِّل بقية الضوابط عن طريق منع حدوث الأشياء الخاطئة، إنه يُكمِّل هذه الضوابط بجعل الأمور في نصابها الصحيح، ومن خلال قيامه بهذا الدور فهو ينجز أهداف الإدارة ويضمن نجاحها.
وفي الختام فعند ممارسة الضوابط الإدارية السبعة القابلة للتعلم (التخطيط والتنظيم وقياس الأداء والتنفيذ والمتابعة وتقديم التقارير في الوقت الصحيح وحل المشكلات) بصورة منفردة أو بشكل جماعي؛ فإنها ـ أي هذه الضوابط ـ تشكل نظاما إدارياً متماسكاً تستطيع أن تُحدث تحوِّلاً في فريق الإدارة ليصبح فريقاً «مواظباً» على جعل الأمور في نصابها الصحيح، وهي سر الفعالية الإدارية والنجاح للمدير.